المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة سورة مكية إلا آيتين : هما الآية رقم 130 ، 131 ، وعدد آياتها 135 ، وقد ابتدأت السورة بحرفين صوتيين للتنبيه علي إعجاز القرآن ، ولحمل السامعين علي الإنصات . وقد ذكرت منزلة القرآن بعد هذين الحرفين ، وشرفه بشرف منزله ، وهو الله سبحانه وتعالي مالك السماوات والأرض ، والذي يعلم السر ، وما هو أخفي من السر ، ثم ذكرت قصة موسى عليه السلام مع فرعون ، وكيف ابتدأ بعث موسى عليه السلام وطلبه أن يكون أخوه هارون عليهما السلام عونا له ومؤازرا ، ثم كيف التقيا بفرعون بعد الهيبة من لقائه لعظم طغيانه . وفي هذه الأثناء بين الله تعالي نشأة موسى عليه السلام .

وفيها المجاوبة بين موسى وفرعون ، ثم بين موسى عليه السلام والسحرة ، وحال موسى من خوف الهزيمة أمام السحرة ، والتقاف عصاه لما ألقوا من حبال ، ثم فيها كيف انتهي أمر السحرة ، وإيمانهم ، وتعذيب فرعون لهم ، ثم نجاة موسى مع بني إسرائيل من فرعون ، وكيف غرق فرعون ، وقد تبعهم بعد انفلاق البحر ، وكيف اتجه موسى إلي الطور ، وقد ترك قومه ليذهب لمناجاة ربه ، ففتنهم السامري ، ووسوس لهم أن يعبدوا هيكل عجل عمل من الذهب ، وكان مرور الهواء في جوفه يحدث خوارا ، وقد غضب موسى لما حدث ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه .

ثم جاء في السورة الكريمة ما أصاب السامري ، وقد أشار الله سبحانه وتعالي إلي العبر في قصص موسى وغيره ، وجاء في آخر السورة بوصايا كريمة بالصبر والعفة والصلاة ، ثم بيان تهافت المشركين في طلبهم معجزة غير القرآن ، وأشار سبحانه إلي حكمة إرسال الرسل ، ثم ختمت السورة الكريمة بالإشارة إلي ما يكون للكافرين من عذاب ، وما يكون للمؤمنين من ثواب .

1- بدأ الله تعالي السورة بهذه الحروف لتحدى المنكرين ، والإشارة إلي أن القرآن مُكَوَّن من هذه الحروف التي تتكلمون بها ، ومع ذلك عجزتم عن الإتيان بسورة قصيرة أو آيات من مثله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

هي مكية .

روى إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتاب " التوحيد " ، عن زياد بن أيوب ، عن إبراهيم بن المنذر الحِزَامي ، حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار ، عن عمر بن حفص بن ذَكْوَان ، عن مولى الحُرقة - يعني عبد الرحمن بن يعقوب - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قرأ " طه " و " يس " قبل أن يخلق آدم بألف عام ، فلما سمعت الملائكة قالوا : طوبى لأمة ينزل عليهم هذا{[1]} وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسن تتكلم{[2]} بهذا " {[3]} .

هذا حديث غريب ، وفيه نكارة ، وإبراهيم بن مهاجر وشيخه تُكلِّم فيهما .

بسم الله الرحمن الرحيم

تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة " البقرة " بما أغنى عن إعادته .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسين بن محمد بن شنبة{[19188]} الواسطي ، حدثنا أبو أحمد - يعني : الزبيري - أنبأنا إسرائيل عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : طه : يا رجل . وهكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، و[ عطاء ]{[19189]} ومحمد بن كعب ، وأبي مالك ، وعطية العوفي ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وابن أبزى أنهم قالوا : " طه " بمعنى : يا رجل .

وفي رواية عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير والثوري أنها{[19190]} كلمة بالنبطية معناها : يا رجل . وقال أبو صالح هي مُعَرّبة .

وأسند القاضي عياض في كتابه " الشفاء " من طريق عبد بن حميد في تفسيره : حدثنا هاشم بن [ القاسم ]{[19191]} عن ابن جعفر ، عن الربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى ، فأنزل الله تعالى { طه } ، يعني : طأ الأرض يا محمد ، { مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } . ثم قال : ولا خفاء بما في هذا من الإكرام وحسن{[19192]} المعاملة{[19193]} .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[19188]:في ف : "شيبة".
[19189]:زيادة من ف، أ.
[19190]:في أ : "أنه".
[19191]:زيادة من ف، أ، والشفا.
[19192]:في ف: "أو حسن"، وفي أ: "وأحسن".
[19193]:الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/26).