قد تقدَّم الكلامُ في الحروفِ المُقَطَّعةِ أولَ هذا الموضوعِ ، و " طه " مِنْ ذاك ، هذا هو الصحيح . وقيل : إنَّ معنى " طه " يا رجلُ في لغةِ عَك ، وقيل : عُكْل ، وقيل : هي لغة يمانية . وحكى الكلبي أنك لو قلتَ في عَكّ : يا رجلُ ، لم يُجِبْ حتى تقولَ : طه .
وقال الطبري : " طه في عَكّ بمعنى : يا رجلُ " ، وأنشدَ قولَ شاعرهم :
دَعَوْتُ بِطهَ في القتالِ فلم يُجِبْ *** فَخِفْتُ عليهِ أَنْ يكونَ مُوائِلا
إنَّ السَّفاهةَ طه في خلائِقِكمْ *** لا قَدَّسَ اللهُ أرواحَ المَلاعينِ
قال الزمخشري : " وأثرُ الصَّنْعَةِ ظاهرٌ في البيت المستشهدِ به " فذكره ، وقال السدي : " معناه : يا فلانُ " . وقال الزمخشري أيضاً : " ولعل عَكَّاً تَصَرَّفوا في " يا هذا " ، كأنهم في لغتهم قالبون الياءَ طاءً ، فقالوا : في يا : طا ، واختصروا " هذا " فاقتصورا على " ها " . يعني فكأنه قيل في الآية الكريمة : يا هذا . وفيه بُعدٌ كبيرٌ .
قال الشيخ : " ثم تَخَرَّص وحَزَرَ على عَك ما لم يَقُلْه نحويٌّ : وهو أنهم يقلبون يا التي للنداء طاءً ، ويحذفون اسم الإِشارة ويقتصرون منه على " ها " التي للتنبيه " . قلت : وهذا وإن كان قريباً مما قاله عنه إلاَّ أنه أنحى عليه في عبارته بقوله " تَخَرَّص " .
وقيل : " طه " أصلُه طَأْها بهمزة " طَأْ " أمراً مِنْ وَطِىء يَطَأُ ، و " ها " ضميرُ مفعولٍ يعودُ على الأرض ، ثم أبدل الهمزَة لسكونها ألفاً ، ولم يَحْذِفْها في الأمرِ نظراً إلى أصلها أي : طَأ الأرضَ بقدمَيْكَ . وقد جاء في التفسير : " أنه قام حتى تَوَرَّمَتْ قدماه " .
وقرأ الحسنُ وعكرمةُ وأبو حنيفةَ وورشٌ في اختياره/ بإسقاطِ الألفِ بعد الطاء ، وهاءٍ ساكنة . وفيها وجهان ، أحدهما : أنَّ الأصلَ " طَأْ " بالهمز أمراً أيضاً مِنْ وَطِىء يَطَأُ ، ثم أبدلَ الهمزةَ هاءً كإبدالهم لها في " هَرَقْتُ " و " هَرَحْتُ " و " هَبَرْتُ " . والأصلُ : أَرَقْتُ وأَرَحْتُ وأَبَرْت . والثاني : أنه أبدل الهمزةَ ألفاً ، كأنه أَخَذه مِنْ وَطِي يَطا بالبدل كقوله :
3271 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . لا هَنَاكِ المَرْتَعُ
ثم حَذَفَ الألفَ حَمْلاً للأمرِ على المجزومِ وتناسِياً لأصل الهمز ثم ألحق هاءَ السكتِ ، وأجرى الوصلَ مُجْرى الوقفِ . وقد تقدَّم في أولِ يونس الكلامُ على إمالةِ طا وها فأغنى عن أعادتِه هنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.