الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{طه} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي مائة وخمس وثلاثون اَية

{ طه } أبو عمرو فخم الطاء لاستعلائها . وأمال الهاء وفخمها ابن كثير وابن عامر على الأصل ، والباقون أمالوهما وعن الحسن رضي الله عنه : طه ، وفسر بأنه أمر بالوطء ، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يقوم في تهجدِهِ على إحدى رجليه فأُمِرَ بأَنْ يطأَ الأرضَ بقدمَيْهِ معاً وأن الأصل طأ ، فقلبت همزته هاء أو قلبت ألفا في يطأ فيمن قال :

لاَ هَنَاكَ الْمَرْتَعُ ***

ثم بني عليه الأمر ، والهاء للسكت ويجوز أن يكتفي بشطري الاسمين وهما الدالان بلفظهما على المسميين ، والله أعلم بصحة ما يقال : إن «طاها » في لغة عك في معنى يا رجل ، ولعل عكاً تصرفوا في «يا هذا » كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء ، فقالوا في «يا » : «طا » ، واختصروا هذا فاقتصروا على ها ، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به :

إنَّ السَّفَاهَةَ طَاهَا في خَلاَئِقِكُم *** لاَ قَدَّسَ اللَّهُ أخلاَقَ الْمَلاَعِينِ

الأقوال الثلاثة في الفواتح : أعني التي قدمتها في أول الكاشف عن حقائق التنزيل ، هي التي يعوّل عليها الألباء المتقنون .