هذه السورة مكية . وفيها من جليل المواعظ والأخبار والعبر ما فيه مزدجر . هذه هي سورة طه . السورة العجيبة بألفاظها وأنغامها وأجراسها وحروفها ذات الإيقاع الثاقب والرنين المجلجل ، الذي يثير الوجدان ويشْدَهُ الحس والمشاعر شدْها . فلا عجب أن يتلوها عربي بليغ كعمر بن الخطاب حتى تلج في الصميم من جنانه المرهف فتهزه هزا ، وتميط عن فطرته السليمة الكريمة أغشية صفاقا من الغفلة والنسيان فيبادر الإعلان عن إسلامه والتحرر من كابوس الجاهلية وأوهامها وطغيانها . لقد أسلم عمر لما مست شغاف قلبه وعميق وجدانه أسرار هذا النظم الباهر ، بكلماته الفريدة المصطفاة ، ونفحاته الندية الخفية ، وإشراقه الساطع المؤنس ، وأسلوبه المميز العذب ، الذي يزجي بكامل الدليل على أن هذا القرآن معجز ، وأنه من لدن خالق العالمين .
ونجزم في يقين أنه لو خُلّي بين البشرية وهذا الكتاب الحكيم لاستحوذ عليها هذا أيما استحواذ ، ولملك عليها القلوب والمشاعر والألباب ، ولسيق الناس جميعا إلى منهج الله ، منهج الإسلام . لكن البشرية قد تنكب عن هذا القرآن لما حيل بينها وبينه من أغشية كثاف من المعوقات المصطنعة والحملات الخبيثة التي برعت في ترسيخها خطط الحاقدين والمتربصين من شياطين البشر أعداء القرآن .
ونمضي في تفسير هذه السورة لنبين أنها تقص علينا قصة نبي الله موسى وقيادته لبني إسرائيل ببسط وتفصيل . فتقص علينا الآيات ولادة هذا النبي الكريم وتنجيته وقومه من ظلم فرعون وجنوده في قتل الأطفال من بني إسرائيل ، ثم رحلته إلى مدين هاربا من كيد فرعون ، فلبث بضع سنين ثم كرّ راجعا إلى مصر مارا بالواد المقدس طوى حيث أنزل الله عليه الوحي وأمره وأخاه هارون أن يذهبا إلى فرعون لدعوته إلى عبادة الله وحده وإرسال بني إسرائيل من ظلمه وبطشه . لكن فرعون عصى وتولى مستكبرا .
وتقص السورة أيضا باقتضاب خبر آدم عليه السلام وتكريمه بسجود الملائكة له باستثناء إبليس . هذا الكائن اللعين الشرير الذي أضل من ذرية آدم خلْقا عظيما .
إلى غير ذلك من الأخبار والقصص والمشاهد . وذلك كله في أسلوب رباني عجيب ومؤثر ليس له في النظم كله نظير .
{ طه ( 1 ) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ( 2 ) إلا تذكرة لمن يخشى ( 3 ) تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى ( 4 ) الرحمان على العرش استوى ( 5 ) له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ( 6 ) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ( 7 ) الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ( 8 ) } .
( طه ) ، من الحروف المقطعة التي مرّ ذكرها في كثير من السور ، مثل : ( الم ) ( المص ) ، ( الر ) . وقيل : ( طه ) ، يعني يا رجل
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.