المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

61- فمن جادلك - يا أيها النبي - في شأن عيسى من بعد ما جاءك من خبر الله الذي لا شبهة فيه ، فقل لهم قولا يظهر علمك اليقيني وباطلهم الزائف : تعالوا يدع كل منَّا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه ، ثم نضرع إلى الله أن يجعل غضبه ونقمته على من كذب في أمر عيسى من كونه خلق من غير أب وأنه رسول الله وليس ابن الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

أي : { فمن } جادلك { وحاجك } في عيسى عليه السلام وزعم أنه فوق منزلة العبودية ، بل رفعه فوق منزلته { من بعد ما جاءك من العلم } بأنه عبد الله ورسوله وبينت لمن جادلك ما عندك من الأدلة الدالة على أنه عبد أنعم الله عليه ، دل على عناد من لم يتبعك في هذا العلم اليقيني ، فلم يبق في مجادلته فائدة تستفيدها ولا يستفيدها هو ، لأن الحق قد تبين ، فجداله فيه جدال معاند مشاق لله ورسوله ، قصده اتباع هواه ، لا اتباع ما أنزل الله ، فهذا ليس فيه حيلة ، فأمر الله نبيه أن ينتقل إلى مباهلته وملاعنته ، فيدعون الله ويبتهلون إليه أن يجعل لعنته وعقوبته على الكاذب من الفريقين ، هو وأحب الناس إليه من الأولاد والأبناء والنساء ، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فتولوا وأعرضوا ونكلوا ، وعلموا أنهم إن لاعنوه رجعوا إلى أهليهم وأولادهم فلم يجدوا أهلا ولا مالا وعوجلوا بالعقوبة ، فرضوا بدينهم مع جزمهم ببطلانه ، وهذا غاية الفساد والعناد ، فلهذا قال تعالى { فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين } فيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

33

وهنا - وقد وضحت القضية وظهر الحق جليا - يوجه الله تعالى رسوله الكريم إلى أن ينهي الجدل والمناظرة حول هذه القضية الواضحة وحول هذا الحق البين وأن يدعوهم إلى المباهلة كما هي مبينة في الآية التالية :

( فمن حاجك فيه - من بعد ما جاءك من العلم - فقل : تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ، وأنفسنا وأنفسكم . ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) . .

وقد دعا الرسول [ ص ] من كانوا يناظرونه في هذه القضية إلى هذا الاجتماع الحاشد ، ليبتهل الجميع إلى الله أن ينزل لعنته على الكاذب من الفريقين . فخافوا العاقبة وأبوا المباهلة . وتبين الحق واضحا . ولكنهم فيما ورد من الروايات لم يسلموا احتفاظا بمكانتهم من قومهم ، وبما كان يتمتع به رجال الكنيسة من سلطان وجاه ومصالح ونعيم ! ! ! وما كانت البينة هي التي يحتاج إليها من يصدون عن هذا الدين إنما هي المصالح والمطامع والهوى يصد الناس عن الحق الواضح الذي لا خفاء فيه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَمَنْ حَآجّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ }

يعني بقوله جلّ ثناؤه : { فَمَنْ حاجّكَ فِيهِ } : فمن جادلك يا محمد في المسيح عيسى ابن مريم . والهاء في قوله : { فِيهِ } عائدة على ذكر عيسى ، وجائز أن تكون عائدة على الحقّ الذي قال تعالى ذكره : { الحَقّ مِنْ رَبّكَ } . ويعني بقوله : { مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ } : من بعد ما جاءك من العلم الذي قد بينته لك في عيسى أنه عبد الله . { فَقُلْ تَعَالَوْا } هلموا فلندعْ أبناءنا وأبناءكم ، ونساءنا ونساءكم ، وأنفسنا وأنفسكم ، { ثم نَبْتَهِلْ } يقول : ثم نلتعن ، يقال في الكلام : ما له بَهَلَهَ الله ! أي لعنه الله ، وما له عليه بُهْلَة الله ! يريد اللعن . وقال لَبيد ، وذكر قوما هلكوا ، فقال :

*** نَظَرَ الدّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَلْ ***

يعني دعا عليهم بالهلاك . { فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ } منا ومنكم في آية عيسى . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَمَنْ حَاجّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ } : أي في عيسى أنه عبد الله ورسوله من كلمة الله وروحه . { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْع أبْناءَنا وأبْناءَكُمْ } إلى قوله : { على الكاذِبِينَ } .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير : { فَمَنْ حاجّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ } : أي من بعد ما قصصت عليك من خبره ، وكيف كان أمره { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنَا وَأبْناءَكُمْ } . . . الاَية .

حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { فَمَنْ حاجّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ } يقول : من حاجك في عيسى من بعد ما جاءك فيه من العلم .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { ثُمّ تَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ على الكاذِبِينَ } قال : منا ومنكم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : وثني ابن لهيعة ، عن سليمان بن زياد الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : «لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أهْلِ نَجْرَانَ حِجابا فَلا أرَاهُمْ وَلا يَرَوْنِي » من شدّة ما كانوا يمارون النبيّ صلى الله عليه وسلم .