النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

قوله تعالى : { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ } فيه تأويلان : أحدهما : في عيسى .

والثاني : في الحق .

{ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ : تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } والذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة هم نصارى نجران . وفي قوله : { نَبْتَهِلْ } تأويلان :

أحدهما : معناه نلتعن{[543]} .

والثاني : ندعو بهلاك{[544]} الكاذب ، ومنه قول لبيد :

………………… *** نظر الدهر إليهم فابتهل{[545]}

أي دعا عليهم بالهلاك .

فلما نزلت هذه الآية أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثم دعا النصارى إلى المباهلة ، فأحجموا{[546]} عنها ، وقال بعضهم لبعض : إن باهلتموه اضطرم الوادي عليكم ناراً .


[543]:- هذا قول أبي عبيدة والكسائي.
[544]:- هذا مروي عن ابن عباس.
[545]:- صدر البيت: في كهول سادة من قومه.
[546]:- وبعد أحجامهم عن المباهلة رضوا بدفع الجزية وانصرفوا إلى بلادهم على أن يؤدوا في كل عام ألف حلة في صفر وألف حلة في رجب.