قوله تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) ( فمن حاجك ) أي جادلك وخاصمك يا محمد ( فيه ) أي في المسيح عيسى ابن مريم ، أو في الحق الوارد في الآية ( الحق من ربك ) . من بعد أن أوحى الله إليك في ذلك من الخبر اليقين والعلم الصادق الساطع ، فقل لهم هلموا ( ندع أبناءنا وأبناءكم . . ثم نبتهل ) أي نلتعن . من البهل بفتح الباء وهو اللعن . باهل بعضكم بعضا وتبهلوا أي تلاعنوا . والابتهال الاجتهاد في الدعاء . بهله الله أي لهنه الله{[482]} واللعن معناه الطرد والإبعاد من الرحمة{[483]} .
وسبب نزول هذه الآية أنه جاء راهبا نجران إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال لهما : " أسلما تسلما " فقالا : قد أسلمنا قبلك . فقال : " كذبتما- يمنعكما من الإسلام سجودكما للصليب ، وقولكما اتخذ الله ولدا ، وشربكما الخمر " فقالا : ما نقول في عيسى ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن ( ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ) إلى قوله : ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) الآية . فدعاهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى الملاعنة . وجاء بالحسن والحسين وفاطمة وأهله وولده عليهم السلام ، فلما خرج من عنده قال أحدهما لصاحبه : أقرر بالجزية ولا تلاعنه ، فأقر بالجزية ، فرجعا فقالا : نقر بالجزية ولا نلاعنك .
وجملة القول أن المباهلة ضرب من الاجتهاد في الدعاء يجعل اللعن على الكاذبين ، لكن المشركين أبوا أن يطوقوا أنفسهم بمغبة هذا الدعاء الخطير لما يعرفونه في أعماق أنفسهم وهو أن محمدا صلى الله عليه و سلم صادق ، وأنه يأتيه الوحي من السماء ، وأن ما جاء به من أنباء المسيح وأمه مريم غاية في اليقين وقطع الثبوت .
ولقد استيقن هؤلاء المشركون أن قبولهم بالمباهلة سيفضي بالضرورة إلى أن تحيق بهم نقمة الله فيبوءوا بالسخط والاصطلام ؛ من أجل ذلك أحجموا عن المباهلة . وتلك حجة ظاهرة تضاف إلى الدلائل الكاثرة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.