المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

68- وسينفخ - حتماً - في الصور{[197]} ، فيموت من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله أن يؤخرهم إلى وقت آخر ، ثم نفخ فيه أخرى فإذا الجميع قائمون من قبورهم ينتظرون ما يُفعل بهم .


[197]:الصور لغة: البوق، والصور الذي حدثنا عنه القرآن من عالم الغيب، لا ندري كنهه وحقيقته.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

{ 68 - 70 } { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }

لما خوفهم تعالى من عظمته ، خوفهم بأحوال يوم القيامة ، ورغَّبهم ورهَّبهم فقال : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ } وهو قرن عظيم ، لا يعلم عظمته إلا خالقه ، ومن أطلعه اللّه على علمه من خلقه ، . فينفخ فيه إسرافيل عليه السلام ، . أحد الملائكة المقربين ، وأحد حملة عرش الرحمن .

{ فَصَعِقَ } أي : غشي أو مات ، على اختلاف القولين : { مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ } أي : كلهم ، لما سمعوا نفخة الصور أزعجتهم من شدتها وعظمها ، وما يعلمون أنها مقدمة له . { إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ } ممن ثبته اللّه عند النفخة ، فلم يصعق ، كالشهداء أو بعضهم ، وغيرهم . وهذه النفخة الأولى ، نفخة الصعق ، ونفخة الفزع .

{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ } النفخة الثانية نفخة البعث { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ينظرون } أي : قد قاموا من قبورهم لبعثهم وحسابهم ، قد تمت منهم الخلقة الجسدية والأرواح ، وشخصت أبصارهم { يَنْظُرُونَ } ماذا يفعل اللّه بهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

ثم بين - سبحانه - حال الناس عند النفخة الأولى والثانية فقال : { وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله } .

والصور : اسم للقرن الذى ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله - تعالى - وحقيقته لا يعلمها إلا هو - سبحانه - وقوله { فَصَعِقَ } من الصعق بمعنى الموت أو بمعنى الصوت الشديد الذى يجعل الإِنسان فى حالة ذهول شديد حتى لكأنه قد فارق الحياة .

أى : ونفخ فى الصور بأمر الله - تعالى - النفخة الأولى ، فخر ميتا كل من كان حيا فى السموات أو فى الأرض .

{ إِلاَّ مَن شَآءَ الله } له الحياة من أهلهما ، قالوا : والمستثنى من الصعق جبريل وإسرافيل وميكائيل . ولم يرد حديث صحيح يعتمد عليه فى تعيين من استثناه الله - تعالى - : من ذلك ، فالأولى تفويض من استثناه الله من الصعق إلى علمه - عز وجل - .

{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى } أى : ثم نفخ فى الصور نفخة أخرى - وهى النفخة الثانية التى يكون بعدها البعث والنشور .

{ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } أى : فإذا بهؤلاء الذين صعقوا بعد النفخة الأولى قيام من قبورهم ، ينظرون حولهم بدهشة وحيرة ماذا يفعل بهم ، أو ينظرون على أى حال يكون مصيرهم .

فالآية الكريمة تفيد أن النفخ فى الصور يكون مرتين : المرة الأولى يكون بعدها الصعق والموت لجميع الأحياء ، والنفخة الثانية يكون بعدها البعث والنشور وإعادة الحياة مرة أخرى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

انتقال من إجمال عظمة القدرة يوم القيامة إلى تفصيلها لما فيه من تهويل وتمثيل لمجموع الأحوال يومئذٍ مما ينذر الكافر ويبشر المؤمن ويذكر بإقامة العدل والحق ، ثم تمثيل إزجاء المشركين إلى جهنم وسوق المؤمنين إلى الجنة .

فالجملة من عطف القصة على القصة ، ومناسبة العطف ظاهرة ، وعبر بالماضي في قوله : { ونُفِخَ } وقوله : فَصَعِقَ مجازاً لأنه محقق الوقوع مثل قوله : { أتى أمر اللَّه } [ النحل : 1 ] ، ويجوز أن تكون الواو للحال بتقدير ( قد ) أي والحال قد نفخ في الصور ، فتكون صيغة الماضي في فعلي ( نفخ وصَعق ) مستعملة في حقيقتها . وابتدئت الجملة بحديث النفخ في الصور إذ هو ميقات يوم القيامة وما يتقدمه من موت كل حي على وجه الأرض . وتكرر ذكره في القرآن والسنة .

والصور : بوق ينادى به البعيد المتفرق مثل الجيش ، ومثل النداء للصلاة فقد كان اليهود ينادون به : للصلاة الجامعة ، كما جاء في حديث بدء الأذان في الإسلام . والمراد به هنا نداء الخلق لحضور الحشر أحيائِهم وأَمواتِهم ، وتقدم عند قوله : { يوم ينفخ في الصور } في الأنعام ( 73 ) . وهو علامة لأمر التكوين ، فالأحياء يصعقون فيموتون ( كما يموت المفزوع ) بالنفخة الأولى ، والأموات يصعقون اضطراباً تدبّ بسببه فيهم الحياة فيكونون مستعدين لقبول الحياة ، فإذا نفخت النفخة الثانية حلّت الأرواح في الأجساد المخلوقة لهم على مثال ما بَلي من أجسادهم التي بليت ، أو حلّتْ الأرواح في الأجساد التي لم تزل باقية غير بالية كأجساد الذين صعقوا عند النفخة الأولى ، ويجوز أن يكون بين النفختين زمن تبلَى فيه جميع الأجساد .

والاستثناء من اسم الموصول الأول ، أي إلا مَن أراد الله عدم صعقه وهم الملائكة والأرواح ، وتقدم في سورة النمل ( 87 ) { ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض } .

و { ثم } تؤذن بتراخي الرتبة لأنها عاطفة جملة ، ويجوز أن تفيد مع ذلك المهلَةَ المناسبة لما بين النفختين . و { أُخْرى } صفة لمحذوف ، أي نفخة أخرى ، وهي نفخة مُخالفٌ تأثيرُها لتأثير النفخة الأولى ، لأن الأولى نفخة إهلاك وصعق ، والثانية نفخة إحياء وذلك باختلاف الصوتين أو باختلاف أمرَيْ التكوين . وإنما ذكرت النفخة الثانية في هذه الآية ولم تذكر في قوله في سورة النمل ( 87 ) { ويوم ينفخ ( 1 ) في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه وكل أتوه داخرين } لأن تلك في غرض الموعظة بفناء الدنيا وهذه الآية في غرض عظمة شأن الله في يوم القيامة ، وكذلك وصف النفخة بالواحدة في سورة الحاقة ( 13 ، 15 ) { فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة } وذكرت هنا نفختان .

وضمير { هُم } عائد على { من في السموات ومن في الأرض } فيما بقي من مفهومه بعد التخصيص ب { إلا مَن شاء الله } وهم الذين صعقوا صعق ممات وصَعْق اضطراب يهيأ لقبول الحياة عند النفخة .

و { إذا } للمفاجأة للتنبيه على سرعة حلول الحياة فيهم وقيامهم إثره و { قيام } جمع قائم .

وجملة { يَنظُرُونَ } حال . والنظرُ : الإِبصار ، وفائدة هذه الحال الدلالة على أنهم حَيُوا حياة كاملة لا غشاوة معها على أبصارهم ، أي لا دهش فيها كما في قوله تعالى : { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون } في سورة الصافات ( 19 ) ، أو أريد أنهم ينظرون نظر المقلّب بصره الباحث . ويجوز أن يكون من النظرة ، أو الانتظار .