المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

56- ارجعوا إلى ربكم ، وأسلموا له ، واتبعوا تعاليمه ، لئلا تقول نفس مذنبة حينما ترى العذاب : يا أسفي على ما فرَّطت في جنب الله وحقه ، وإني كنت في الدنيا لمن المستهزئين بدينه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

ثم حذرهم { أَن } يستمروا على غفلتهم ، حتى يأتيهم يوم يندمون فيه ، ولا تنفع الندامة . و { تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ } أي : في جانب حقه . { وَإِنْ كُنْت } في الدنيا { لَمِنَ السَّاخِرِينَ } في إتيان الجزاء ، حتى رأيته عيانا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

وقوله : { أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتا على مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ الله . . . } أى : بسبب تفريطى وتقصيرى فى طاعة الله ، وفى حقه - تعالى - .

وأصل الجنب والجانب : الجهة المحسوسة للشئ ، وأطلق على الطاعة على سبيل المجاز ، حيث شبهت بالجهة . بجامع تعلق كل منهما - أى الجانب والطاعة - بصاحبه . إذ الطاعة لها تعلق بالله - تعالى - . كما أن الجهة لها تعلق بصاحبها .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم نكرت " نفس " ؟ قلت : لأن المراد بها بعض الأنفس وهى نفس الكافر . ويجوز أن يكون نفس متميزة من الأنفس : إما بلجاج فى الكفر شديد ، أو بعذاب عظيم ، ويجوز أن يراد التكثير ، كما قال الأعشى :

دعا قومه حولى فجاءوا لنصره . . . وناديت قوما بالمسناة غيبا

ورب بقيع لو هتفت بجوه . . . أتانى كريم ينفض الرأس مغضبا

وهو يريد : أفواجا من الكرام ينصرونه ، لا كريما واحدا . .

وجملة { وَإِن كُنتُ لَمِنَ الساخرين } فى محل نصب على الحال . أى : فرطت فى جنب الله وطاعته ، والحال أنى لم أكن إلا من الساخرين بدينه ، المستهزئين بأتباع هذا الدين الحق .

قال قتادة : لم يكفه أنه ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

{ أن } في هذه الآية مفعول من أجله أي أنيبوا وأسلموا من أجل أن تقول .

وقرأ جمهور الناس : «يا حسرتى » والأصل «يا حسرتي » ، ومن العرب من يرد ياء الإضافة ألفاً فيقول : يا غلاماً ويا جاراً{[9916]} . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : «يا حسرتايَ » بفتح الياء ، ورويت عنه بسكون الياء ، قال أبو الفتح : جمع بين العوض والمعوض منه{[9917]} . وروى ابن جماز عن أبي جعفر : «يا حسرتي » بكسر التاء وسكون الياء . قال سيبويه : ومعنى نداء الحسرة والويل ، أي هذا وقتك وزمانك فاحضري . و : { فرطت } معناه : قصرت في اللازم .

وقوله تعالى : { في جنب الله } معناه : في مقاصدي إلى الله وفي جهة طاعته ، أي في تضييع شريعته والإيمان به . والجنب : يعبر به عن هذا ونحوه . ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

أفي جنب بكر قطعتني ملامة . . . لعمري لقد طالت ملامتها بيا{[9918]}

ومنه قول الآخر :

الناس جنب والأمير جنب . . . {[9919]}

وقال مجاهد : { في جنب الله } أي في أمر الله . وقول الكافر : { وإن كنت لمن الساخرين } ندامة على استهزائه بأمر الله تعالى . والسخر : الاستهزاء .


[9916]:قالوا: لأن الألف أخف من الياء، ولأنها تمكن من مد الصوت المناسب للاستغاثة.
[9917]:واستشهد أبو الفتح لذلك بكثير من الشواهد: منها قوله:"وهذا كمذهب أبي إسحق، وأبي بكر في قول الفرزدق: هما نفثا في فيّ من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام وذلك انه جمع بين الميم والواو، وإنما الميم بدل من الواو"، قلت: والفرزدق يصف شاعرين من قومه، ويريد بالنابح العاوي من يهجوه الفرزدق في البيت، والرِّجام: الرجم بالحجارة، وهي بمعنى: المراجمة بها. وأما قراءة إسكان الياء بعد الألف فقد قال عنها أبو الفتح أيضا:"هو على ما مضى من قراءة نافع- في الآية(162) في سورة (الأنعام):{محياي ومماتي}، على ان الياء هنا ضعيفة حيث عوض عنها بالألف، والسكون انسب لها من الفتحة". لكن أبا الفضل الرازي يرى رأيا آخر، ذكره في (اللوامح)، يقول:" ولو ذهبت إلى أنه أراد تثنية الحسرة، مثل لبيك وسعديك، فكأنه يقول: يا حسرة بعد حسرة، لكثرة حسراتهم يومئذ-لكان مذهبا".
[9918]:يستشهد ابن عطية بالبيت على أن (الجنب) يعبر به عن: الجانب والقرب والطريق والجوار، تقول: في جنب بكر، أي في جانبها وقربها وجوارها وطريق حياتها والولاء لها. واللوم: العذل، والملامة: مصدر(لام)، والقطيعة: الهجران، ضد الوصل، يقال: قطع رحمه قطيعة وقطعها: عقها ولم يصلها. ويروى البيت: "سُليمى" بدلا من "لعمري"، وفي البحر:(سُليمى، لقد كانت ملامتها ثناء).
[9919]:هذا بيت من مشطور الرجز، وهو في اللسان(جنب)، قال:"والجنب: الناحية، وأنشد الأخفش:(الناس جنب والأمير جنب)، كأنه عدله بجميع الناس"، وكذلك ذكره في البحر، وفي القرطبي ذكر بيتا قبله، قال: قُسم مجهودا لذاك القلب الناس جنب والأمير جنب ولم ينسبه أحد ممن استشهد به. والمعنى الذي يستشهدون عليه معروف ومتكرر في اللغة، قالوا: وهو من باب الكناية، تقول: فعلت كذا لمكانك، أي:لأجلك، ومثله: فعلت كذا من جهتك؛ لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الإنسان وحيزه فقد أثبته فيه، وقال كثير: أما تتقين الله في جنب عاشق له كبد حرّى عليك تقطع؟ ومن بابه المشهور: إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج