المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

20- من كان يريد بعمله ثواب الآخرة نضاعف له أجره ، ومن كان يريد بأعماله متاع الدنيا - فحسب - غير راغب في متاع الآخرة نعطه ما قسم له فيها ، وليس له في الآخرة نصيب من الثواب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

ثم قال تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ } أي : أجرها وثوابها ، فآمن بها وصدق ، وسعى لها سعيها { نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } بأن نضاعف عمله وجزاءه أضعافا كثيرة ، كما قال تعالى : { وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا } ومع ذلك ، فنصيبه من الدنيا لا بد أن يأتيه .

{ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا } بأن : كانت الدنيا هي مقصوده وغاية مطلوبه ، فلم يقدم لآخرته ، ولا رجا ثوابها ، ولم يخش عقابها . { نُؤْتِهِ مِنْهَا } نصيبه الذي قسم له ، { وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } قد حرم الجنة ونعيمها ، واستحق النار وجحيمها .

وهذه الآية ، شبيهة بقوله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ } إلى آخر الآيات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

ثم حكى - تعالى - سنته التى لا تتخلف فقال : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } .

والحرث فى الأصل ؛ مصدر بمعنى إلقاء البذور فى الأرض ، لتنبت ما ينفع الناس من زرع . والمرد به ثمرات الأعمال ونتائجها ، تشبيها لها بثمرات البذور .

والمعنى : من كان يريد من الناس بأعمال ثواب الآخرة ، ورضا الله - تعالى - ضاعف الله - عز وجل - له الأجر والثواب والعطاء .

{ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا } أى : ومن كان يريد بعمله شهوات الدنيا نؤته منها ، ما قدرناه له من حطامها وزخارفها .

{ وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ } أى : وليس له فى الآخرة نصيب من خيراتها الباقية ، ونعيمها الدائم .

وشبيه بهذه الآية الكريمة قوله - تعالى - : { مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً كُلاًّ نُّمِدُّ هؤلاء وهؤلاء مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

ثم قال : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ } أي : عمل الآخرة { نزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } أي : نقويه ونعينه على ما هو بصدده ، ونكثر نماءه ، ونجزيه بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما يشاء الله { وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } أي : ومن كان إنما سعيه ليحصل له شيء من الدنيا ، وليس له إلى الآخرة همَّة{[25805]} البتة بالكلية ، حَرَمه الله الآخرة والدنيا إن شاء أعطاه منها ، وإن لم يشأ لم يحصل{[25806]} له لا هذه ولا هذه ، وفاز هذا الساعي بهذه النية بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة .

والدليل على هذا أن هذه الآية هاهنا مقيدة بالآية التي في " سبحان " وهي قوله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا } [ الإسراء : 18 - 21 ] .

وقال الثوري ، عن مُغيرة ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب [ رضي الله عنه ]{[25807]} قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بشر هذه الأمة بالسَّنَاء والرفعة ، والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له في الآخرة من نصيب " {[25808]} .


[25805]:- (1) في ت: "وهم".
[25806]:- (2) في أ: "يجعل".
[25807]:- (3) زيادة من ت.
[25808]:- (4) رواه البغوي في شرح السنة (14/335) من طريق الثوري به.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

وقوله : { من كان يريد } معناه : إرادة مستعد عامل عارف ، لا إرادة متمن لم يدر نفسه . والحرث في هذه الآية : عبارة عن السعي والتكسب والإعداد .

ولما كان حرث الأرض أصلاً من أصول المكاسب استعير لكل متكسب ، ومنه قول ابن عمر : احرث لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً .

وقوله تعالى : { نزد في حرثه } وعد منتجز .

وقوله في : { حرث الدنيا نؤته منها } معناه : ما شئنا ولمن شئنا ، فرب ممتحن مضيق عليه حريص على حرث الدنيا مريد له لا يحس بغيره ، نعوذ بالله من ذلك ، وهذا الذي لا يعقل غير الدنيا هو الذي نفى أن يكون له نصيب في الآخرة .

وقرأ سلام : «نؤتهُ » برفع الهاء وهي لغة لأهل الحجاز ، ومثله قراءتهم : { فخسفنا به وبداره الأرض }{[10127]} برفع الهاء فيهما .


[10127]:من الآية (81) من سورة (القصص).