الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

وقوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة } معناه : إرادة مُسْتَعِدٍّ عاملٍ ، لا إرادةُ مُتَمَنٍّ مُسَوِّفٍ ، والحَرْثُ في هذه الآية : عبارةٌ عن السَّعْيِ والتكسُّبِ والإعْدَاد .

وقوله تعالى : { نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ } وَعْدٌ مُتَنَجَّزٌ ؛ قال الفَخْرُ : وفي تفسير قوله : { نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ } قولان .

الأوَّلُ : نزد له في توفيقه وإعانته ، وتسهيلِ سبيل الخَيْرَاتِ والطاعاتِ عليه ، وقال مقاتل : تزد له في حَرْثِهِ بتضعيفِ الثواب ؛ قال تعالى : { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } [ فاطر : 30 ] انتهى . وقوله : { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا } معناه : ما شئنا منها ولمن شئنا ، فَرُبَّ مُمْتَحَنٍ مُضَيَّقٌ عليه حريصٌ على حَرْثِ الدنيا ، مريدٌ له ، لا يَحُسُّ بغيره ، نعوذُ باللَّهِ مِنْ ذلك ، وهذا الذي لا يعقل غيرَ الدنيا هو الذي نفي أنْ يكون له نصيبٌ في الآخرة .