الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

ثم قال تعالى : { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه } الحرث هنا : العمل .

والمعنى : من كان يريد بعمله الآخرة نزد له في حرثه ، أي : نوفقه ونضاعف له الحسنات .

{ ومن كان يريد حرث الدنيا نوته منها } ( أي : ومن كان يريد بعمله الدنيا نؤته منها ما يريد{[60811]} ، مثل دفع{[60812]} الآفات ونحوها ومثله قوله : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد }{[60813]} .

وقيل : المعنى : من كان يريد بفعله{[60814]} الخير ثناء أهل الدنيا تركناه وذلك ، ولم{[60815]} يكن له في الآخرة من عمله نصيب .

وقيل نزلت في الغزو ، والجهاد{[60816]} والتقدير : من كان يريد بغزوه{[60817]} وجهاده الآخرة وثوابها نعطه ذلك ونزده ، ومن كان يريد بذلك{[60818]} الغنيمة والكسب نؤته منها ، أي : نخلي بينه وبين ذلك .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع المنافقين من أخذ الغنيمة ومن أجلها غزوا معه لا لله سبحانه . ففيهم ( وفي أشباههم نزلت الآية ){[60819]} فتكون الآية على هذا القول مخصوصة{[60820]} .

وقال طاوس : ( من كان همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه ( ولم ينل من الدنيا إلا ما كتب له ){[60821]} ، ومن كان همه الآخرة ( جعل الله غناه بين عينيه ) ونور{[60822]} قلبه ، وآتاه من الدنيا ما كتب الله{[60823]} له ){[60824]} .

وقال الطبري في معناها : من كان يريد بعمله الآخرة{[60825]} نزد له من عمله الحسنى{[60826]} ، فنجعل له{[60827]} بالواحد عشرا إلى ما شاء ربنا من الزيادة ، ومن كان يريد بعمله الدنيا ولها{[60828]} يسعى ، نؤته منها ما قسمنا له وما كتب له منها{[60829]} .

{ وماله في الآخرة من نصيب } أي : ماله من عمله ذلك في الآخرة حظ .

وقال قتادة : معناه : من آثر آخرته على دنياه نزد{[60830]} له في أجره ، ومن آثر دنياه على آخرته{[60831]} لم نجعل له نصيبا في الآخرة إلا النار ، ولم نزده{[60832]} في الدنيا شيئا إلا رزقا قد فرغ منه{[60833]} .

وروى الضحاك عن ابن عباس أن قوله : { ومن كان يريد حرث الدنيا نوته منها } : منسوخ في سورة ( سبحان ){[60834]} بقوله : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد }{[60835]} وفيه بعد لأن الأخبار لا تنسخ{[60836]} .


[60811]:(ت): نريد.
[60812]:في طرة (ت).
[60813]:الإسراء آية 18.
[60814]:(ح): جعله.
[60815]:(ح): لم.
[60816]:انظر جامع القرطبي 16/18.
[60817]:(ت): لغزوه.
[60818]:في طرة (ت).
[60819]:(ح): وأشباههم نزل ذلك.
[60820]:وقال بتخصيصها أيضا ابن العربي في ناسخ القرآن ومنسوخه 2/355.
[60821]:ساقط من (ح).
[60822]:(ح): نور الله.
[60823]:ساقط من (ت).
[60824]:انظر إعراب النحاس 4/78.
[60825]:فوق السطر في (ت).
[60826]:(ح): الحسن.
[60827]:(ت): له بالعشر.
[60828]:(ح): وله ما.
[60829]:انظر جامع البيان 25/14.
[60830]:(ت) ونزد و(ح): زيد.
[60831]:(ح): أخراه.
[60832]:(ح): نزده بذلك.
[60833]:انظر جامع البيان 25/14، وجامع القرطبي 16/18
[60834]:وهي سورة الإسراء.
[60835]:الإسراء آية 18. وانظر الناسخ والمنسوخ لابن حزم 54، وجامع القرطبي 16/19، ونواسخ القرآن 219.
[60836]:انظر تفصيل ذلك في الإيضاح 404، وانظر نواسخ القرآن 219.