التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

قوله تعالى { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب } .

قال الحاكم : حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي ، ثنا أحمد بن عبيد الله النرسي ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { من كان يريد حث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب } ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله عز وجل : ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك ) .

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ( المستدرك 2/443- ك التفسير ، وصححه الذهبي ) وأخرجه الترمذي في ( السنن برقم 2466 ) وقال : حسن غريب . وابن حبان في ( صحيحه 2/119 ح 393 ) وأخرجه الحاكم من رواية معقل بن يسار بنحوه ، وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك 4/326 ) ووافقهما الألباني في ( السلسلة الصحيحة رقم 950 ) .

قال أحمد : ثنا عبد الرزاق أنا سفيان ، عن أبي سلمة ، عن الربيع بن أنسن عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بشر هذه الأمة بالسناء الرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض ) . وهو يشك في السادسة ، قال : ( فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ) .

( المسند 5/134 ) ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان 2/132 ح 405 ) ، من طريق عبد العزيز بن مسلم . والحاكم في ( المستدرك 4/311 ) من طريق المغيرة الخراساني . والضياء المقدسي ( المختارة 3/358- 359 ) من طرق ، كلهم عن الربيع بن أنس به . قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . وحسّن إسناده الأرناؤوط في حاشية الإحسان ، وكذا محقق المختارة وصححه الألباني ( صحيح الترغيب 1/87- 88 ح 21 ) .

قال ابن كثير : { من كان يريد حرث الآخرة } أي : عمل الآخرة ، { نزد له في حرثه } أي : نقويه ونعينه على ما هو بصدده ، ونكثر نماءه ، ونجزيه بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى أن يشاء الله . { ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب } ، أي : ومن كان إنما سعيه ليحصل له شيء من الدنيا ، وليس له إلى الآخرة همة البتة بالكلية ، حرمه الله الآخرة ، والدنيا إن شاء أعطاه منها ، وإن شاء لم يحصل له لا هذه ولا هذه ، وفاز هذا الساعي بهذه النية بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة . والدليل على هذا أن هذه الآية هاهنا مقيدة بالآية التي في ( سبحان ) وهي قوله تعالى : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر الدرجات وأكبر تفضيلا } .

وانظر سورة هود آية ( 15 ) وفيها تفصيل تقييد المطلق .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا } . . . الآية ، يقول : من آثر دنياه على آخرته لم نجعل له نصيب في الآخرة إلا النار ، ولم نزده بذلك من الدنيا شيئا إلا رزقا قد فرغ منه وقسم له .