الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ } يعني يريد بعمله الآخرة . { نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } بالتضعيف بالواحدة عشرة إلى ما شاء الله من الزيادة . { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا } يعني يريد بعمله الدّنيا { نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } .

قال قتادة : يقول : من عمل لآخرته نزد له في حرثه ، ومن آثر دنياه على آخرته ، لم يجعل الله له نصيباً في الآخرة إلاّ النّار ، ولم يصب من الدّنيا إلاّ رزق قد فرغ منه وقسم له .

أنبأني عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن شاذان ، حدثنا الحسين بن إدريس ، حدثنا سويد بن نصير ، أخبرنا عبد بن المبارك عن أبي سنان الشيباني ، إنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : الأعمال على أربعة وجوه : عامل صالح في سببيل هدى يريد به دنيا ، فليس له في الآخرة شيء ، ذلك بأنّ تعالى ، قال :

{ مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } [ هود : 15 ] الآية ، وعامل الرياء ليس له ثواب في الدّنيا والآخرة إلاّ الويل ، وعامل صالح في سبيل هدى يبتغي به وجه الله والدار الآخرة ، فله الجنّة في الآخرة ، معها [ نعاته ] في الدّنيا ، وعامل خطأ وذنوب ثوابه عقوبة الله ، إلاّ أن يعفوا فإنّه أهل التقوى وأهل المغفرة .