{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } الحرث في اللغة الكسب يقال : هو يحرث لعياله ويحترث ، أي يكتسب ، ومنه سمي الرجل حارثا ومعنى أصل الحرث إلقاء البذر في الأرض ، فأطلق على ثمرات الأعمال وفوائدها بطريق الاستعارة المبنية على تشبيهها بالغلال الحاصلة من البذر ، المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور ، والمعنى من كان يريد بأعماله وكسب ثواب الآخرة يضاعف الله له تلك الحسنة بعشرة أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، وقيل : معناه يزيد في توفيقه وإعانته وتسهيل سبل الخير له .
{ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا } أي من كان يريد بأعماله وكسبه ثواب الدنيا وهو متاعها ، وما يرزق الله به عباده منها ، مؤثرا لها على الآخرة { نُؤْتِهِ مِنْهَا } ما قضت به مشيئتنا ، وقسم له في قضائنا ، ولو تهاون به ولم يطلبه لأتاه .
قال قتادة : المعنى نقدر له ما قسم له كما قال { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ } وقال أيضا : إن الله يعطي على نية الآخرة ما شاء من أمر الدنيا ، ولا يعطي على نية الدنيا إلا الدنيا . قال القشيري والظاهر أن الآية في الكافر ، وهو تخصيص بغير مخصص ، ثم بين سبحانه أن هذا الذي يريد بعمله الدنيا لا نصيب له في الآخرة فقال :
{ وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } لأنه لم يعمل للآخرة فلا نصيب له فيها وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة الإسراء وقال ابن عباس في الآية حرث الآخرة عيش الآخرة ، وقال من يؤثر على آخرته لم يجعل الله له نصيبا في الآخرة إلا النار ، ولم يزد بذلك من الدنيا شيئا إلا رزقا فرغ منه وقسم له وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه وابن حبان عن أبيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب ) ، وأخرج الحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : ( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يريد حرث الآخرة الآية ثم قال : يقول الله : ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإن لا تفعل ملأت صدرك شغلا ، ولم أسد فقرك ) . وعن علي قال : الحرث حرثان : فحرث الدنيا المال والبنون ، وحرث الآخرة الباقيات الصالحات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.