المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

92- قال : يا قوم ، أعشيرتي أحق بالمجاملة من الله ، فذكرتموها ونسيتموه ، وجاملتموني واتخذتموه كالشيء المنبوذ وراء الظهر ؟ إن ربى محيط علمه بكل ما تعملون ، فلا يخفي عليه شيء من أعمالكم ، وسيحاسبكم عليها إن نسيتموه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ يَقَوْمِ أَرَهْطِيَ أَعَزّ عَلَيْكُم مّنَ اللّهِ وَاتّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنّ رَبّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } .

يقول تعالى ذكره : قال شعيب لقومه : يا قوم أَعْزَزْتم قومكم ، فكانوا أعزّ عليكم من الله ، واستخففتم بربكم ، فجعلتموه خلف ظهوركم ، لا تأتمرون لأمره ولا تخافون عقابه ، ولا تعظمونه حقّ عظمته . يقال للرجل إذا لم يقض حاجة الرجل : نبذ حاجته وراء ظهره : أي تركها لا يلتفت إليها ، وإذا قضاها قيل : جعلها أمامه ونُصْب عينيه . ويقال : ظهرت بحاجتي وجعلتها ظِهرِية : أي : خلف ظهرك ، كما قال الشاعر :

*** وَجَدْنا بني البَرْصَاءِ مِنْ وَلَدِ الظّهْرِ ***

بمعنى : أنهم يظهرون بحوائج الناس ، فلا يلتفتون إليها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { قالَ يا قَوْمِ أرَهْطِي أعَزّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ واتخَذْتُمَوهُ وَرَاءَكُم ظهرِيّا } ، وذلك أن قوم شعيب ورهطه كانوا أعزّ عليهم من الله ، وصَغُر شأن الله عندهم ، عزّ ربنا وجلّ ثناؤه .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : قفا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { قالَ يا قَوْمِ أرَهْطِي أعَزّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ واتخَذْتُمَوهُ وَرَاءَكُم ظَهْرِيّا } ، يقول : عَزّزتم قومكم ، وأظهرتم بربكم .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَاتّخَذْتُمُوه وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : لم تراقبوه في شيء ، إنما تراقبون قومي . { وَاتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، يقول : عَزّزتم قومكم وأظهرتم بربكم .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَاتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : لم تراقبوه في شيء ، إنما تراقبون قومي ، واتخذتموه وراءكم ظِهْرِيّا لا تخافونه .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { أرَهْطِي أعَزّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّه } ، ِ قال : أعززتم قومكم واغتررتم بربكم ، سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : قال سفيان : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، كما يقول الرجل للرجل : خلفت حاجتي خلف ظهرك ، فاتخذتموه وراءكم ظهريّا : استخففتم بأمره ، فإذا أراد الرجل قضاء حاجة صاحبه ، جعلها أمامه بين يديه ، ولم يستخف بها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : الظهري : الفضل ، مثل الجمال يخرج معه بإبل ظهارية فضل لا يحمل عليها شيئا إلا أن يحتاج إليها ، قال : فيقول : إنما ربكم عندكم مثل هذا إن احتجتم إليه ، وإن لم تحتاجوا إليه فليس بشيء .

وقال آخرون : معنى ذلك : واتخذتم ما جاء به شعيب وراءكم ظهريّا ، فالهاء في قوله : { واتّخَذْتُمُوهُ } ، على هذا من ذكر ما جاء به شعيب عليه السلام . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : تركتم ما جاء به شعيب .

قال : حدثنا جعفر بن عون ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، قال : نبذوا أمره .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : نبذتم أمره .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : هم رهط شعيب تركهم ما جاء به وراء ظهورهم ظهريّا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، قال : استثناؤهم رهط شعيب ، وتركهم ما جاء به شعيب وراء ظهورهم ظهريّا .

وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك لقرب قوله : { واتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّا } ، من قوله : { أرَهْطِي أعَزّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّه } ، فكانت الهاء في قوله { واتّخَذْتُمُوهُ } ، بأن تكون من ذكر الله لقرب جوارها منه أشبه وأولى .

وقوله : { إنّ رَبّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } ، يقول : إن ربي محيط علمه بعملكم ، فلا يخفى عليه منه شيء ، وهو مجازيكم على جميعه عاجلاً وآجلاً .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

{ قال يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظِهريّاً } وجعلتموه كالمنسي المنبوذ وراء الظهر بإشراككم به والإهانة برسوله فلا تبقون علي لله وتبقون علي لرهطي ، وهو يحتمل الإنكار والتوبيخ والرد والتكذيب ، و{ ظهريا } منسوب إلى الظهر والكسر من تغييرات النسب . { إن ربي بما تعملون محيط } فلا يخفى عليه شيء منها فيجازي عليها .