إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

{ قَالَ } عليه السلام في جوابهم { يا قوم أرهطي أَعَزُّ عَلَيْكُم منَ الله } فإن الاستهانةَ بمن لا يَتعزّز إلا به عز وجل استهانةٌ بجنابه العزيز وإنما أنكر عليهم أعزِّيّةَ رهطِه منه تعالى مع أن ما أثبتوه هو مطلقُ عزةِ رهطِه لا أعزّيتُهم منه عز وجل مع الاشتراك في أصل العزةِ لتثنية التقريعِ وتكريرِ التوبيخِ حيث أنكر عليهم أولاً ترجيح جنب الرهطِ على جنبة الله تعالى حظاً من العزة أصلاً { واتخذتموه } بسبب عدم اعتدادِكم بمن لا يرِدُ ولا يصدُر إلا بأمره { وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً } أي شيئاً منبوذاً وراء الظهر منسياً لا يبالى به ، منسوبٌ إلى الظهر ، والكسر لتغيير النسب كالإِمسيّ في النسبة إلى الأمس { إِنَّ رَبّى بِمَا تَعْمَلُونَ } من الأعمال السيئة التي من جملتها عدمُ مراعاتِكم لجانبه { مُحِيطٌ } لا يخفى عليه منها خافيةٌ وإن جعلتموه منسياً فيجازيكم عليها . ويحتمل أن يكون الإنكارُ للرد والتكذيب فإنهم لما ادَّعَوا أنهم لا يكفّون عن رجمه عليه السلام لقوته وعزّتِه بل لمراعاة جانب رهطِه ردّ عليهم ذلك بأنكم ما قدَّرتم الله حقَّ قدرِه العزيزِ ولم تراعوا جنابَه القويَّ فكيف تراعون جانبَ رهطي الأذلة .