تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

وقوله تعالى : ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ ) هذا يخرج على وجهين :

[ أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] : يحتمل : يا قوم أرهطي أعظم حقا عليكم من الله وأكثر حرمة حتى تركتم ما أوعدتموني من النقمة لحقهم وحرمتهم ؟

والثاني : قوله : ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ ) أي أرهطي أشد خوفا عليكم وأكثر نكاية من الله ؛ لأنا قلنا في قوله : ( ولولا رهطك لرجمناك ) إنه يخرج على وجهين ؛ أحدهما : الاحترام لرهطه لموافقتهم إياهم في جميع ما هم عليه والمساعدة لهم . والثاني : على الخوف والنكاية لقوتهم وكثرتهم وفضل بطشهم تركوا ما أوعدوا له خوفا من رهطه .

فقال : خوفكم من رهطي أشد وأكثر عليكم من الخوف من الله وقد بلغكم من نكاية الله ونقمته ما[ في الأصل وم : في ما ] حل بالأمم الماضية ، أو حرمة رهطي عندكم وحقهم أعظم من حق الله وأنتم[ في الأصل وم : وقد ] تعلمون إحسانهم إليكم وإنعامه عليكم .

وقوله تعالى : ( وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً ) قال بعضهم : ( وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً ) أي حملتموه على ظهركم . وحملهم إياه على ظهرهم إسخاطهم إياه . قال : تقول العرب : حمل الناس على ظهره ، أي أسخطهم على نفسه ولكن لا ندري أيقال هذا أم لا ؟ فإن قيل : هذا فهو محتمل ما قال ، وهو قول أبي بكر الأصم .

وقال غيره من أهل التأويل : قوله : ( وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً ) أي نبذتم الله وراء ظهوركم أي نبذتم حق الله وكتابه الذين أنزل إليكم وراء ظهركم ؛ لا تعلمون به ، ولا تكترثون إليه ، هو كالمنبوذ وراء ظهركم .

هذا على التمثيل ، أي جعلوا أمر الله ودينه الذي دعوا إليه كالمنبوذ وراء ظهورهم لا ينظرون إليه ، ولا يكترثون . وما ذكر في قوله : ( نكص على عقبيه )[ الأنفال : 48 ] وقوله : ( انقلبتم على أعقابهم )[ آل عمران : 144 ] على التمثيل ؛ أي الذي أنتم عليه في القبح كالانقلاب على الأعقاب .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) هذا يخرج على وجهين أيضا أي إن ربي بما تعملون من الأعمال الخبيثة محيط فيجزيكم بها ، أو يقول : إن ربي بما تعملون من الكيد لرسول الله والمكر به محيط ، فينصره عليكم .