مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

قوله تعالى { قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب }

اعلم أن الكفار لما خوفوا شعيبا عليه السلام بالقتل والإيذاء . حكى الله تعالى عنه ما ذكره في هذا المقام ، وهو نوعان من الكلام ؛

النوع الأول : قوله : { يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربى بما تعملون محيط } والمعنى : أن القوم زعموا أنهم تركوا إيذاءه رعاية لجانب قومه . فقال : أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي إكراما لرهطي ، والله تعالى أولى أن يتبع أمره ، فكأنه يقول : حفظتكم إياي رعاية لأمر الله تعالى أولى من حفظكم إياي رعاية لحق رهطي .

وأما قوله : { واتخذتموه وراءكم ظهريا } فالمعنى : أنكم نسيتموه وجعلتموه كالشيء المنبوذ وراء الظهر لا يعبأ به . قال صاحب «الكشاف » : والظهري منسوب إلى الظهر ، والكسر من تغيرات النسب ونظيره قولهم في النسبة إلى الأمس إمسي بكسر الهمزة ، وقوله : { إن ربي بما تعملون محيط } يعني أنه عالم بأحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها .