فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

وجملة : { قَالَ يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَزّ عَلَيْكُم منَ الله } مستأنفة ، وإنما قال : أعزّ عليكم من الله ، ولم يقل : أعزّ عليكم مني ؛ لأن نفي العزّة عنه وإثباتها لقومه كما يدل عليه إيلاء الضمير حرف النفي استهانة به ، والاستهانة بأنبياء الله استهانة بالله عزّ وجلّ ، فقد تضمن كلامهم أن رهطه أعزّ عليه من الله ، فاستنكر ذلك عليهم ، وتعجب منه ، وألزمهم ما لا مخلص لهم عنه ، ولا مخرج لهم منه بصورة الاستفهام ، وفي هذا من قوّة المحاجة ووضوح المجادلة وإلقام الخصم الحجر ما لا يخفى ، ولأمر ما سمي شعيب خطيب الأنبياء ، والضمير في { واتخذتموه } راجع إلى الله سبحانه . والمعنى : واتخذتم الله عزّ وجلّ بسبب عدم اعتدادكم بنبيه الذي أرسله إليكم { وَرَاءكُمْ ظهْرِيّاً } أي : منبوذاً وراء الظهر لا تبالون به . وقيل : المعنى : واتخذتم أمر الله الذي أمرني بإبلاغه إليكم ، وهو ما جئتكم به وراء ظهوركم ، يقال : جعلت أمره بظهر : إذا قصرت فيه ، و{ ظهْرِيّاً } منسوب إلى الظهر ، والكسر لتغيير النسب { إِنَّ رَبّى بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط } لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم .

/خ95