41- يا أيها الرسول لا يحزنك صنع الكافرين الذين ينتقلون في مراتب الكفر من أدناها إلى أعلاها ، مسارعين فيها ، من هؤلاء المخادعين الذين قالوا : آمنا بألسنتهم ولم تذعن للحق قلوبهم ، ومن اليهود الذين يكثرون الاستماع إلى مفتريات أحبارهم ويستجيبون لها ، ويكثرون الاستماع والاستجابة لطائفة منهم ولم يحضروا مجلسك تكبراً وبغضاً ، وهؤلاء يبدلون ويحرفون ما جاء في التوراة من بعد أن أقامه الله وأحكمه في مواضعه ، ويقولون لأتباعهم : إن أوتيتم هذا الكلام المحرّف المبدّل فاقبلوه وأطيعوه ، وإن لم يأتكم فاحذروا أن تقبلوا غيره ، فلا تحزن ، فمن يرد الله ضلاله لانغلاق قلبه فلن تستطيع أن تهديه أو أن تنفعه بشيء لم يرده الله له ، وأولئك هم الذين أسرفوا في الضلال والعناد لم يرد الله أن يطهر قلوبهم من دنس الحقد والعناد والكفر ، ولهم في الدنيا ذل بالفضيحة والهزيمة ، ولهم في الآخرة عذاب شديد عظيم .
{ يَأَيّهَا الرّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قَالُوَاْ آمَنّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الّذِينَ هِادُواْ سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هََذَا فَخُذُوهُ وَإِن لّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلََئِكَ الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . .
اختلف أهل التأويل فيمن عُني بهذه الاَية ، فقال بعضهم : نزلت في أبي لُبابة بن عبد المنذر بقوله لبني قريظة حين حاصرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إنما هو الذبح ، فلا تنزلوا على حكم سعد » . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : لا يحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بأفْوَاهِهِم ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ قال : نزلت في رجل من الأنصار زعموا أنه أبو لُبابة أشارت إليه بنو قُريظة يوم الحصار ما الأمر ؟ وعلام ننزل ؟ فأشار إليهم : إنه الذبح .
وقال آخرون : بل نزلت في رجل من اليهود سأل رجلاً من المسلمين يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكمه في قتيل قتله . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن زكريا ، عن عامر : لا يحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ قال : كان رجل من اليهود قتله رجل من أهل دينه ، فقال القاتل لحلفائهم من المسلمين : سلوا لي محمدا صلى الله عليه وسلم ، فإن كان يقضي بالدية اختصمنا إليه ، وإن كان يأمرنا بالقتل لم نأته .
حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن زكريا ، عن عامر نحوه .
وقال آخرون : بل نزلت في عبد الله بن صُورِيا ، وذلك أنه ارتدّ بعد سلامه . ذكر من قال ذلك :
حدثنا هناد وأبو كريب ، قالا : حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : ثني الزهريّ ، قال : سمعت رجلاً من مزينة يحدّث عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثهم ، أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدارس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت . فقالوا : انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، فاسألوه كيف الحكم فيهما فولوه الحكم عليهما ، فإن عمل فيهما بعملكم من التحميم ، وهو الجلد بحبل من ليف مطليّ بقارٍ ، ثم يُسوّد وجوههما ، ثم يُحملان على حمارين وتحوّل وجوههما من قِبَل دبر الحمار ، فاتبعوه ، فإنما هو ملك . وإن هو حكم فيهما بالرجم ( فإنه نبيّ ) فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلُبكموه . قأتوه فقالوا : يا محمد هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما ، فقد وليناك الحكم فيهما فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدارس ، فقال : «يا مَعْشَرَ اليَهُودِ أخْرِجُوا إلى أعْلَمَكُمْ » فأخرجوا إليه عبد الله بن صُورِيا الأعور . وقد روي بعض بني قريظة أنهم أخرجوا إليه يومئذٍ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهودا ، فقالوا : هؤلاء علماؤنا فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم ، إلى أن قالوا لابن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة . فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة ، يقول : «يا ابْنَ صُورِيا أنْشُدُك الله وأذكرك أيادِيه عِنْدَ بني إسْرائيل ، ألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم ، إلى أن قالوا لابن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة . فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة ، يقول : «يا ابْنَ صُورِيا أنْشُدُك الله وأذكرك أيادِيه عِنْدَ بني إسْرائيل ، هل تَعْلَمُ أنّ الله حَكَمَ فيمَنْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانِهِ بالرّجْمِ في التّوْرَاة ؟ » فقال : اللهمّ نعم أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنكّ نبيّ مرسل ، ولكنهم يحسدونَك . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بهما فرُجما عند باب مسجده في بني عثمان بن غالب بن النجار . ثم كفر بعد ذلك ابن صُوريا ، فأنزل الله : يا أيّها الرّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بأفْوَاهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ( ح ) وحدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ( ح ) ، وحدثنا هناد ، قال : حدثنا عبيدة بن عبيد ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن البراء بن عازب ، قال : مُرّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم بيهودي محمّم مجلود ، فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم رجلاً من علمائهم ، فقال : «أهَكَذا تَجِدُونَ حَدّ الزّاني فِيكُمْ ؟ » قال : نعم . قال : «فأنْشُدُك بالذي أنْزَلَ التّورَاةَ على مُوسَى ، أهَكَذا تَجِدُونَ حَدّ الزاني فيكم » ؟ قال : لا ، ولولا أنك نَشَدْتَني بهذا لم أحدثك ، ولكن الرجم ، ولكن كثر الزنا في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدّ ، فقلنا تعالوا نجتمع فنضع شيئا مكان الرجم فيكون على الشريف والوضيع ، فوضعنا التحميم والجلد مكان الرّجم . فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «اللهمّ إني أنا أوّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إذْ أَماتُوهُ » فأمر به فرجم ، فأنزل الله : لا يَحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ . . . الاَية .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهريّ ، قال : كنت جالسا عند سعيد بن المسيب وعند سعي ، رجل يوقره ، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية وكان من أصحاب أبي هريرة ، قال : قال أبو هريرة : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ح ) ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح كاتب الليث ، قال : ثني الليث ، قال : ثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني رجل من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه ، حدّث عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة قال : بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جاءه رجل من اليهود ، وكانوا قد أشاروا في صاحب لهم زنى بعد ما أحصن ، فقال بعضهم لبعض : إن هذا النبيّ قد بُعث ، وقد علمتم أن قد فرض عليكم الرجم في التوراة فكتمتموه واصطلحتم بينكم على عقوبة دونه ، فانطلقوا فنسأل هذا النبيّ ، فإن أفتانا بما فرض علينا في التوراة من الرجم تركنا ذلك ، فقد تركنا ذلك في التوراة ، فهي أحقّ أن تطاع وتصدّق . فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا أبا القاسم إنه زنى صاحب لنا قد أحصن ، فما ترى عليه من العقوبة ؟ قال أبو هريرة : فلم يرجع إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام وقمنا معه ، فانطلق يؤمّ مدراس اليهود حتى أتاهم ، فوجدهم يتدارسون التوراة في بيت المدارس ، فقال لهم : «يا مَعْشَرَ اليَهُودِ أنْشُدُكُمْ باللّهِ الّذِي أنْزَلَ التّوْرَاةَ على مُوسَى ماذَا تَجِدُونَ فِي التّوْرَاةِ مِنَ العُقُوبَةِ على مَنْ زَنى وَقَدْ أحْصِن » ؟ قالوا : إنا نجده يُحَمّم ويجلده . وسكت حبرهم في جانب البيت . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صمته ألظّ به النشدة ، فقال حبرهم : اللهمّ إذ نشدتنا فإنا نجد عليهم الرجم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فَمَاذَا كانَ أوّلَ ما تَرَخّصْتُمْ بِهِ أمْرَ اللّهِ » ؟ قال : زنى ابن عمّ ملك فلم يرجمه ، ثم زنى رجل آخر في أسرة من الناس ، فأراد ذلك الملك رجمه ، فقام دونه قومه ، فقالوا : والله لا ترجمه حتى ترجم فلانا ابن عمّ الملك فاصطلحوا بينهم عقوبةً دون الرجم ، وتركوا الرجم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فإنّي أقْضِي بِمَا فِي التّوْرَاةِ » . فأنْزَلَ الله في ذلك : يا أيّها الرّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ . . . إلى قوله : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنْزَلَ اللّهُ فأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ .
وقال آخرون : بل عُني بذلك المنافقون . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير في قوله : يا أيّها الرّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بأفْوَاهِهِم ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ قال : هم المنافقون .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : آمَنّا بأفْوَاهِهِمْ قال : يقول هم المنافقون .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال : عُنِي بذلك : لا يحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بأفْوَاهِهِم ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ : قوم من المنافقين . وجائز أن يكون كان ممن دخل في هذه الاَية ابن صُوريا ، وجائز أن يكون أبو لُبابة ، وجائز أن يكون غيرهما . غير أن أثبت شيء رُوي في ذلك ما ذكرناه من الرواية قبل عن أبي هريرة والبراء بن عازب ، لأن ذلك عن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان ذلك كذلك ، كان الصحيح من القول فيه أن يقال : عُني به عبد الله بن صُورِيا . وإذا صحّ ذلك كان تأويل الاَية : يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوّتك والتكذيب بأنك لي نبيّ من الذين قالوا : صدّقنا بك يا محمد أنك لله رسول مبعوث ، وعلمنا بذلك يقينا بوجودنا صفتك في كتابنا وذلك أن في حديث أبي هريرة الذي رواه ابن إسحاق ، عن الزهري ، أن ابن صوريا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنك نبيّ مرسل ، ولكنهم يحسدونك . فذلك كان على هذا الخبر من ابن صوريا إيمانا برسول الله صلى الله عليه وسلم بفيه ، ولم يكن مصدّقا لذلك بقلبه ، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مطلعه على ضمير ابن صوريا وأنه لم يؤمن بقلبه ، يقول : ولم يصدّق قلبه بأنك لله رسول مرسل .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنَ الّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ للكَذِبِ سَمّاعُونَ لقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يأْتُوكَ .
يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا أيها الرسول ، لا يحزنك تسرّع من تسرّع من هؤلاء المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم تصديقك ، وهم معتقدون تكذيبك إلى الكفر بك ، ولا تسرع اليهود إلى جحود نبوّتك . ثم وصف جلّ ذكره صفتهم ونعتهم له بنعوتهم الذميمة وأفعالهم الرديئة ، وأخبره معزّيا له على ما يناله من الحزن بتكذيبهم إياه مع علمهم بصدقه أنهم أهل استحلال الحرام والمآكل الرديئة والمطاعم الدنيئة من الرّشَا والسّحْت ، وأنهم أهل إفك وكذب على الله وتحريف كتابه . ثم أعلمه أنه محلّ بهم خزيه في عاجل الدنيا ، وعقابه في آجل الاَخرة ، فقال : همْ سَمّاعُونَ للكَذِبِ يعني هؤلاء المنافقين من اليهود ، يقول : هم يسمعون الكذب ، وسمعهم الكذب : سمعهم قول أحبارهم أن حكم الزاني المحْصن في التوراة : التحميم والجلد ، سَمّاعُونَ لَقْومٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يقول : يسمعون لأهل الزاني الذي أرادوا الاحتكام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم القوم الاَخرون الذين لم يكونوا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا مصرّين على أن يأتوه ، كما قال مجاهد .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال مجاهد : سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ : مع من أتوك .
واختلف أهل التأويل في السمّاعين للكذب السمّاعين لقوم آخرين ، فقال بعضهم : سماعون لقول آخرين يهود فدك ، والقوم الاَخرون الذين لم يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود المدينة . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، قال : حدثنا زكريا ومجالد ، عن الشعبيّ ، عن جابر في قوله : وَمِنَ الّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ للكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ قال : يهود المدينة لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ قال : يهود فدك يقولون ليهود المدينة : إن أوتيتم هذا فخذوه .
وقال آخرون : المعنىّ بذلك قوم من اليهود كان أهل المرأة التي بغت بعثوا بهم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحكم فيها ، والباعثون بهم هم القوم الاَخرون ، وهم أهل المرأة الفاجرة ، لم يكونوا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : وَمِنَ الّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ للكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ كان بنو إسرائيل أنزل الله عليهم : إذا زنى منكم أحد فارجموه . فلم يزالوا بذلك حتى زنى رجل من خيارهم فلما اجتمعت بنو إسرائيل يرجمونه ، قام الخيار والأشراف فمنعوه . ثم زنى رجل من الضعفاء ، فاجتمعوا ليرجموه ، فاجتمعت الضعفاء فقالوا : لا ترجموه حتى تأتوا بصاحبكم فترجمونهما جميعا فقالت بنو إسرود يقال لها بُسرة ، فبعث أبوها ناسا من أصحابه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : سلوه عن الزنا وما نزل إليه فيه فإنا نخاف أن يفضحنا ويخبرنا بما صنعنا ، فإن أعطاكم الجلد فخذوه وإن أمركم بالرجم فاحذروه . فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه ، فقال : «الرّجْم » . فأنزل الله عزّ وجلّ : وَمِنَ الّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ للكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ حين حرّفوا الرجم فجعلوه جلدا .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : إن السماعين للكذب ، هم السماعون لقوم آخرين . وقد يجوز أن يكون أولئك كانوا من يهود المدينة والمسموع لهم من يهود فدك ، ويجوز أن يكونوا كانوا من غيرهم . غير أنه أيّ ذلك كان ، فهو من صفة قوم من يهود سمعوا الكذب على الله في حكم المرأة التي كانت بغت فيهم وهي محصنة ، وأن حكمها في التوراة التحميم والجلد ، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحكم اللازم لها ، وسمعوا ما يقول فيها قوم المرأة الفاجرة قبل أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم محتكمين إليه فيها . وإنما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لهم ليعلموا أهل المرأة الفاجرة ما يكون من جوابه لهم ، فإن لم يكن من حكمه الرجم رضوا به حكما فيهم ، وإن كان من حكمه الرجم حذروه وتركوا الرضا به وبحكمه . وبنحو الذي قلنا كان ابن زيد يقول .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : سّماعُونَ للكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ قال : لقوم آخرين لم يأتوك من أهل الكتاب ، هؤلاء سماعون لأولئك القوم الاَخرين الذين لم يأتوه ، يقولون لهم الكذب : محمد كاذب ، وليس هذا في التوراة ، فلا تؤمنوا به .
القول في تأويل قوله تعالى : يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضَعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا .
يقول تعالى ذكره : يحرّف هؤلاء السماعون للكذب ، السماعون لقوم آخرين منهم لم يأتوك بعد من اليهود الكَلِم . وكان تحريفهم ذلك : تغييرهم حكم الله تعالى ذكره الذي أنزله في التوراة في المحصنات والمحصنين من الزناة بالرجم إلى الجلد والتحميم ، فقال تعالى ذكره : يَحرّفُونَ الكَلِمَ يعني : هؤلاء اليهود ، والمعنى : حكم الكلم ، فاكتفى بذكر الخبر من تحريف الكلم عن ذكر الحكم لمعرفة السامعين لمعناه . وكذلك قوله : مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ والمعنى : من بعد وضع الله ذلك مواضعه ، فاكتفى بالخبر من ذكر مواضعه عن ذكر وضع ذلك ، كما قال تعالى ذكره : وَلَكِنّ البِرّ مَنْ آمَنَ باللّهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ والمعنى : ولكن البرّ برّ من آمن بالله الاَخر . وقد يحتمل أن يكون معناه : يحرّفون الكلم عن مواضعه ، فتكون «بعد » وُضعت موضع «عن » ، كما يقال : جئتك عن فراغي من الشغل ، يريد : بعد فراغي من الشغل .
ويعني بقوله إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا يقول : هؤلاء الباغون السماعون للكذب ، إن أفتاكم محمد بالجلد والتحميم في صاحبنا فخذوه ، يقول : فاقبلوه منه ، وإن لم يُفتِكم بذلك وأفتاكم بالرجم ، فاحذروا .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : ثني الزهري ، قال : سمعت رجلاً من مزينة يحدّث سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثهم في قصة ذكرها : وَمِنَ الّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ للكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ قال : بعثوا وتخلفوا ، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الكلم عن مواضعه ، فقال : يحرّفون الكلم من بعد مواضعه ، يقولون : إن أوتيتم هذا فخذوه للتحميم ، وإن لم تؤتوه فاحذروا : أي الرجم .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : إنْ أُوتِيُتمْ هَذا : إن وافقكم هذا ، فَخُذُوهُ يهود تقوله للمنافقين .
حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ : إن وافقكم هذا فخذوه ، وإن لم يوافقكم فاحذروه . يهود تقوله للمنافقين .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ حين حرّفوا الرجم فجعلوه جلدا ، يقولون : إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتُوهُ فاحْذَرُوا .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، قال : حدثنا زكريا ومجالد ، عن الشعبيّ ، عن جابر : يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ يهود فدك يقولون ليهود المدينة : إن أوتيتم هذا الجلد فخذوه ، وإن لم تؤتوه فاحذروا الرجم .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا هُمُ اليهود ، زنت منهم امرأة ، وكان الله قد حكم في التوراة في الزنا بالرجم ، فنفسوا أن يرجموها ، وقالوا : انطلقوا إلى محمد فعسى أن يكون عنده رخصة ، فإن كانت عنده رخصة فاقبلوها . فأتَوْه فقالوا : يا أبا القاسم إن امرأة منا زنت ، فما تقول فيها ؟ فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم : «كَيْفَ حُكْمُ اللّهِ فِي التّوْرَاةِ في الزّانِي ؟ » فقالوا : دعنا من التوراة ، ولكن ما عندك في ذلك فقال : «ائْتُونِي بأعْلَمِكُمْ بالتّوْرَاةِ التي أُنْزِلَتْ على مُوسَى » . فقال لهم : «بالّذِي نَجّاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَبالّذِي فَلَقَ لَكُمْ البَحْرَ فَأْنجاكمْ وأغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ إلاّ أخْبَرْتُمُونِي ما حُكْمُ اللّهِ فِي التّوْرَاةِ فِي الزّانِي » قالوا : حكمه الرجم . فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت .
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا ذكر لنا أن هذا كان في قتيل من بني قريظة قتلته النضير ، فكانت النضير إذا قتلت من بني قريظة لم يقيدوهم ، إنما يعطونهم الدية لفضلهم عليهم ، وكانت قريظة إذا قتلت من النضير قتيلاً لم يرضوا إلا بالقود لفضلهم عليهم في أنفسهم تعزّزا . فقدم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم المدينة على هيئة فعلهم هذا ، فأرادوا أن يرفعوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم رجل من المنافقين : إن قتيلكم هذا قتيل عمد ، متى ما ترفعوه إلى محمد صلى الله عليه وسلم أخشى عليكم القود ، فإن قبل منكم الدية فخذوه ، وإلا فكونوا منه على حذر .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : يُحَرّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يقول يحرّف هؤلاء الذين لم يأتوك الكلم عن مواضعه ، لا يضعونه على ما أنزله الله . قال : وهؤلاء كلهم يهود ، بعضهم من بعض .
حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو معاوية وعبيدة بن حميد ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرّة ، عن البراء بن عازب : يَقُولُونَ إنْ أُوتِيُتمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا يقولون : ائتوا محمدا ، فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ يُرِدِ اللّهِ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئا .
وهذا تسلية من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من حزنه على مسارعة الذين قصّ قصتهم من اليهود والمنافقين في هذه الاَية ، يقول له تعالى ذكره : لا يحزنك تسرّعهم إلى جحود نبوّتك ، فإني قد حَتَمْتُ عليهم أنهم لا يتوبون من ضلالتهم ، ولا يرجعون عن كفرهم للسابق من غضبي عليهم ، وغير نافعهم حزنك على ما ترى من تسرّعهم إلى ما جعلته سبيلاً لهلاكهم واستحقاقهم وعيدي . ومعنى الفتنة في هذا الموضع : الضلالة عن قصد السبيل . يقول تعالى ذكره : ومن يرد الله يا محمد مرجعه بضلالته عن سبيل الهدى ، فلن تملك له من الله استنقاذا مما أراد الله به من الحيرة والضلالة ، فلا تشعر نفسك بالحزن على ما فاتك من اهتدائه للحقّ . كما :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَمَنْ يُرِدِ اللّهِ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئا .
القول في تأويل قوله تعالى : أُولَئِكَ الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أنْ يُطَهّرَ قُلُوَبهُمْ لَهُمْ فِي الدّنْيا خِزْيٌ ، ولَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ، من اليهود الذين وصفت لك صفتهم ، وإن مسارعتهم إلى أُولَئِكَ الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أنْ يُطَهّرَ قُلُوَبهُمْ لَهُمْ فِي الدّنْيا خِزْيٌ ، ولَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ، من اليهود الذين وصفت لك صفتهم ، وإن مسارعتهم إلى لدنيا وذلك الذلّ والهوان ، وفي الاَخرة عذاب جهنم خالدين فيها أبدا .
وبنحو الذي قلنا في معنى الخزي روي القول عن عكرمة .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، عن عليّ بن الأرقم وغيره ، عن عكرمة : أُولَئِكَ الّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أنْ يُطَهّرَ قُلُوَبهُمْ لَهُمْ فِي الدّنْيا خِزْيٌ قال : مدينة في الروم تُفتح فيُسْبَوْن .
{ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } أي صنيع الذين يقعون في الكفر سريعا أي في إظهاره إذا وجدوا منه فرصة . { من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم } أي من المنافقين والباء متعلقة بقالوا لا بآمنا والواو تحتمل الحال والعطف . { ومن الذين هادوا } عطف على { من الذين قالوا } { سماعون للكذب } خبر محذوف أي هم سماعون ، والضمير للفريقين ، أو للذين يسارعون ويجوز أن يكون مبتدأ ومن الذين خبره أي ومن اليهود قوم سماعون واللام في للكذب ، إما مزيدة للتأكيد أو لتضمين السماع معنى القبول أي ؛ قابلون لما تفتريه الأحبار ، أو للعلة والمفعول محذوف أي : سماعون كلامك ليكذبوا عليك فيه . { سماعون لقوم آخرين لم يأتوك } أي لجمع آخرين من اليهود لم يحضروا مجلسك وتجافوا عنك تكبرا وإفراطا في البغضاء ، والمعنى على الوجهين أي مصغون لهم قابلون كلامهم ، أو سماعون منك لأجلهم والإنهاء إليهم ، ويجوز أن تتعلق اللام بالكذب لأن سماعون الثاني مكرر للتأكيد أي : سماعون ليكذبوا لقوم آخرين : { يحرفون الكلم من بعد مواضعه } أي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها ، إما لفظا : بإهماله أو تغيير وضعه ، وإما معنى : بحمله على غير المراد وإجرائه في غير مورده ، والجملة صفة أخرى لقوم أو صفة لسماعون أو حال من الضمير فيه أو استئناف لا موضع له ، أو في موضع الرفع خبرا لمحذوف أي هم يحرفون وكذلك { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه } أي إن أوتيتم هذا المحرف فاقبلوه واعملوا به . { وإن لم تؤتوه } بل أفتاكم محمد بخلافه { فاحذروا } أي احذروا قبول ما أفتاكم به . روي ( أن شريفا من خيبر زنى بشريفة وكانا محصنين فكرهوا رجمهما ، فأرسلوهما مع رهط منهم إلى بني قريظة ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وقالوا : إن أمركم بالجلد والتحميم فأقبلوا وإن أمركم بالرجم فلا ، فأمرهم بالرجم فأبوا عنه ، فجعل ابن صوريا حكما بينه وبينهم ، وقال له : أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي فلق البحر لموسى ، ورفع فوقكم الطور ، وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي أنزل عليكم كتابه وحلاله وحرامه هل تجدون فيه الرجم على من أحصن ، قال : نعم فوثبوا عليه فقال : خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزانيين فرجما عند باب المسجد ) . { ومن يرد الله فتنته } ضلالته أو فضيحته . { فلن تملك له من الله شيئا } فلن تستطيع له من الله شيئا في دفعها . { أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم } من الكفر وهو كما ترى نص على فساد قول المعتزلة . { لهم في الدنيا خزي } هو أن بالجزية والخوف من المؤمنين { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } وهو الخلود في النار ، والضمير للذين هادوا إن استأنفت بقوله ومن الذين وإلا فللفريقين .