التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ يَقُولُونَ إِنۡ أُوتِيتُمۡ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُواْۚ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (41)

{ يا أيها الرسول } الآية : خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم على وجه التسلية .

{ من الذين قالوا آمنا بأفواههم } هم المنافقون .

{ ومن الذين هادوا } يحتمل أن يكون عطفا على الذين قالوا آمنا ، ثم يكون سماعون استئناف إخبار عن الصنفين المنافقين واليهود ، ويحتمل أن يكون من الذين هادوا : استئنافا منقطعا مما قبله ، وسماعون راجع إليهم خاصة { سماعون لقوم آخرين } أي : سماعون كلام قوم آخرين من اليهود الذين لا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم لإفراط البغضة والمجاهرة بالعداوة ، فقوله :{ لم يأتوك } صفة لقوم آخرين ، والمراد بالقوم الآخرين يهود خيبر ، والسماعون للكذب بنو قريظة .

{ يحرفون الكلم من بعد مواضعه } أي : يبدلونه من بعد أن يوضع في موضعه ، وقصدت به وجوهه القويمة ، وذلك من صفة اليهود .

{ يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه } نزلت بسبب أن يهوديا زنى بيهودية فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود عن حد الزاني عندهم فقالوا نجلدهما ونحمم وجوههما . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في التوراة الرجم ، فأنكروا ذلك ، فأمرهم أن يأتوا بالتوراة " فقرؤوها ، فجعل أحدهم يده على آية الرجم ، فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك فرفع ، فإذا آية الرجم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باليهودي واليهودية فرجما ، فمعنى قولهم :{ إن أوتيتم هذا فخذوه } : إن أوتيتم هذا الذي ذكرتم من الجلد والتحميم فخذوه واعملوا به ، وإن لم تؤتوه وأفتاكم محمد صلى الله عليه وسلم بغيره فاحذروا { فتنة } أي : ضلالته في الدنيا أو عذابه في الآخرة .

{ في الدنيا خزي } الذلة والمسكنة والجزية .