فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ يَقُولُونَ إِنۡ أُوتِيتُمۡ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُواْۚ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (41)

قوله { لاَ يَحْزُنكَ } قرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي والباقون بفتح الياء وضم الزاي ، والحزن والحزن خلاف السرور ، وحزن الرجل بالكسر ، فهو حزن وحزين : وأحزنه غيره وحزنه . قال اليزيدي : حزنه لغة قريش وأحزنه لغة تميم ، وقد قرئ بهما . وفي الآية النهي له صلى الله عليه وسلم عن التأثر لمسارعة الكفرة في كفرهم تأثراً بليغاً ، لأن الله سبحانه قد وعده في غير موطن بالنصر عليهم ، والمسارعة إلى الشيء : الوقوع فيه بسرعة . والمراد هنا ، وقوعهم في الكفر بسرعة عند وجود فرصة ، وآثر لفظ «فِي » على لفظ «إلى » للدلالة على استقرارهم فيه ، و «من » في قوله : { مِنَ الذين قَالُواْ } بيانية ، والجملة مبينة للمسارعين في الكفر ، و«الباء » في { بأفواههم } متعلقة بقالوا لا بآمنا ، وهؤلاء الذين قالوا آمنا بأفواههم ، ولم تؤمن قلوبهم هم المنافقون . { وَمِنَ الذين هِادُواْ } يعني اليهود ، وهو معطوف على { مِنَ الذين قَالُواْ آمَنَّا } وهو تمام الكلام . والمعنى : أن المسارعين في الكفر طائفة المنافقين وطائفة اليهود .

/خ44