جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ يَقُولُونَ إِنۡ أُوتِيتُمۡ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُواْۚ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (41)

{ من الذين قالوا آمنا بأفواههم } متعلق بقالوا { ولم تؤمن{[1253]} قلوبهم } وهم المنافقون { ومن الذين هادوا } اليهود عطف على من الذين { سمّاعون } أي : هم سماعون أو تقديره : ومن اليهود قوم سماعون { للكذب } أي : قابلون له يقبلون من أحبارهم ما يفترونه وقيل : سماعون كلامك لأجل الكذب أي : ليكذبوا ويفترون عليك { سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك } : أي : يسمعون من جمع من اليهود لا يأتون مجلسك ويقبلون كلامهم أو معناه سماعون منك لأجله ، وقيل : سماعون الثاني للتأكيد ، ولقوم متعلق بالكذب أي : سماعون ليكذبوا لقوم لم يأتوا مجلسك تجافيا عنك وتكبرا { يُحرّفون الكلم من بعد مواضعه } : من بعد أن وضعه الله مواضعه إما لفظا وإما معنى بحمله على غير مراده ، الجملة صفة لقوم أو مستأنفة أو خبر محذوف ، وكذلك قوله { يقولون إن أوتيتم هذا فخُذوه } أي : إن أوتيتم هذا المحرف فاقبلوه { وإن لم تُؤتوه } بل يفتى بخلافه { فاحذروا } قبوله . ( نزلت في رجل وامرأة محصنين من اليهود زنيا وهم قد بدلوا الرجم في التوراة بمائة جلدة والتحميم{[1254]} والإركاب على حمار مقلوبا فلما وقعت تلك الكائنة بعد الهجرة أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفتوا وقالوا : إن حكم بمثل ما قلنا اعملوا أو يكون نبي من أنبياء الله قد حكم بذلك فيكون حجة بينكم وبين الله ، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه فأمر عليه الصلاة والسلام بالرجم وألزمهم أنه حكم التوراة فرجما{[1255]} ) { ومن يُرد الله فتنته } : ضلالته { فلن تملك له من الله شيئا } في دفع الفتنة عنه { أولئك الذين لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم } من خبائث الشرك { لهم في الدنيا خزي } : فضيحة وهتك ستر للمنافقين وجزية وخذلان لليهود { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } .


[1253]:واللسان ترجمان القلب/12.
[1254]:أي: تسويد الوجه/12.
[1255]:والحكاية في الصحيحين ومنها يعلم أن كفرهم عناد بالتوراة والقرآن/12. [أخرجه البخاري في (الحدود) / باب: أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام (6841) ومسلم في (الحدود) /باب: من اعترف على نفسه بالزنى (1699)].