أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ يَقُولُونَ إِنۡ أُوتِيتُمۡ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُواْۚ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (41)

شرح الكلمات :

{ لا يحزنك } : الحزن ألم نفس يسببه خوف فوات محبوب .

{ يسارعون في الكفر } : بمعنى يسرعون فيه إذ ما خرجوا منه كلما سنحت فرصة للكفر أظهروه .

{ قالوا آمنا بأفواههم } : هؤلاء هم المنافقون .

{ ومن الذين هادوا } : أي اليهود .

{ سماعون للكذب } : أي كثيرو الاستماع للكذب .

{ يحرفون الكلم } : يبدلون الكلام ويغيرونه ليوافق أهواءهم .

{ إذا أوتيتم هذا } : أي أعطيتم .

{ فتنته } : أي ضلاله لما سبق له من موجبات الضلال .

{ أن يطهر قلوبهم } : من الكفر والنفاق .

{ خزي } : ذل .

المعنى :

قوله تعالى { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر . . } إلى قوله { . . عذاب عظيم } في نهاية الآية نزل تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتخفيفاً مما كان يجده صلى الله عليه وسلم من ألم نفسي من جراء ما يسمع ويرى من المنافقين واليهود فناداه ربه تعالى بعنوان الرسالة التي كذب بها المنافقون واليهود معاً : { يا أيها الرسول } الحق ، لينهاه عن الحزن الذي يضاعف ألمه : { لا يحزنك } حال الذين { يسارعون في الكفر } بتكذيبك فإنه ما خرجوا من الكفر بل هم فيه منغمسون فإذا سمعت منهم قول الكفر لا تحفل به حتى لا يسبب لك حزناً في نفسك . { من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا } أي لا يحزنك كذلك حال اليهود الذين يكذبون بنبوءتك ويجحدون رسالتك ، { سماعون للكذب } سماعون ليهود آخرين لم يأتوك كيهود خيبر وفدك أي كثيرا السمع للكذب الذي يقوله أحبارهم لما فيه من الإساءة إليك سماعون لأهل قوم آخرين ينقلون إليهم أخبارك كوسائط وهم لم يأتوك وهم يهود خيبر إذا أوعزوا إليهم أن يسألوا لهم النبي صلى الله عليه وسلم عن حد الزنى { يحرفون الكلم من بعد مواضعه } ، أي يغيرون حكم الله الذي تضمنه الكلام ، يقولون لهم إن أفتاكم في الزانين المحصنين بالجلد والتحميم بالفحم فاقبلوا ذلك وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا قبول ذلك . هذا معنى قوله تعالى في هذه الآية { يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا } وقال تعالى لرسوله ، { ومن يرد الله فتنته } أي إضلاله عن الحق لما اقترف من عظائم الذنوب وكبائر الآثام { فلن تملك له من الله شيئاً } إذا أراد الله إضلاله إذا ً فلا يحزنك مسارعتهم في الكفر ، { أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم } من الحسد والشرك والنفاق لسوابق الشر التي كانت لهم فحالت دون قبول الإِيمان والحق ، { لهم في الدنيا خزيْ } أي ذل وعار ، { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } جزاء كفرهم وبغيهم . هذا ما دلت عليه الآية ( 41 ) .

الهداية

من الهداية :

- استحباب ترك الحزن باجتناب أسبابه ومثيراته .

- حرمة سماع الكذب لغير حاجة تدعو إلى ذلك .

- حرمة تحريف الكلام وتشويهه للإِفساد .