المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَأۡخُذُواْ مِمَّآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ شَيۡـًٔا إِلَّآ أَن يَخَافَآ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا فِيمَا ٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعۡتَدُوهَاۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (229)

229- الطلاق مرَّتان{[22]} يكون للزوج بعد كل واحدة منها الحق في أن يمسك زوجته برجعتها في العدة أو إعادتها إلى عصمته بعقد جديد ، وفي هذه الحال يجب أن يكون قصده الإمساك بالعدل والمعاملة بالحسنى ، أو أن ينهي الحياة الزوجية مع المعاملة الحسنة وإكرامها من غير مجافاة . ولا يحل لكم - أيها الأزواج - أن تأخذوا مما أعطيتموهن شيئا إلا عند خشية عدم إقامة حقوق الزوجية التي بينها الله سبحانه وتعالى وألزم بها . فإن خفتم - يا معشر المسلمين - ألا تؤدِّي الزوجات حقوق الزوجية سليمة كما بينها الله فقد شرع للزوجة أن تقدم مالا في مقابل افتراقها عن زوجها ، وهذه هي أحكام الله المقررة فلا تخالفوها وتتجاوزوها لأن من يفعل ذلك ظالم لنفسه وظالم للمجتمع الذي يعيش فيه .


[22]:شرع الله سبحانه وتعالى الطلاق وجعله بيد الرجل ابتداء: وقد توهم بعض الناس أن ذلك يؤدي إلى الإضرار بالحياة وإلى سهولة انحلال الأسرة وزكوا كلامهم بأن نسبة الطلاق في مصر قد بلغت نحو 30% أو تزيد وأن هذا أدى إلى كثرة التشرد، والواجب علينا أن تتكلم في إعطاء الحق للزوج ثم فيما ادعوا أنه ترتب عليه: (أ) أما إعطاء حق الطلاق للزوج فهو لم يعط ذلك الحق غير مقيد يل قيد بقيود نفسية وقيود عددية بالنسبة للزوجة التي دخل بها زوجها وتلك القيود هي: أولا: - لا يطلق إلا طلقة واحدة رجعية أي يكون له حق المراجعة في أثناء العدة، فإمام أن يرجع في العدة وإما أن يتركها ويكون هذا دليلا على كمال النفرة ولا يصح بقاء زوجية مع شدة النفرة. ثانيا: - ألا يطلقها في وقت الحيض لأنها تكون في حالة عصبية وقد تكون هذه الحال العارضة سبب هذه النفرة التي اشتدت فلا يطلق إلا بعد انتهاء الحيض. ثالثا: - لا يطلق في طهر قد دخل بها فيه لأن ذلك يفسر بالنفرة تكون لعدم وجود الرغبة فيها، فإذا كانت هذه الأمور فإن الطلاق يكون في حالة نفرة شديدة وانقطاع المودة الدائمة. (ب) وأما إدعاء زيادة نسبة الطلاق بنحو 30 % فمع التسليم بها تكون أقل مما عند الإنجليز والأمريكان والفرنسيين على أنه ليس كل طلاق يوجد انفصالا، وأن الطلاق قبل الدخول لا يعد كارثة زوجية بل يعد منعا لكارثة، ولكن تتبين نسبة عدد الرجعات وعدد الطلاق من قبل الدخول وعدد الطلاق بتراضي الزوجين وعدد الزواج الذي استؤنف بعد الطلاق ولو استنزل هذا كله لهبطت النسبة هبوطا واضحا إلى درجة أن يكون الطلاق الذي أدى إلى انفصال التام نادرا، وقد قمنا بهذه التجربة في بعض المحاكم التي يكثر فيها الطلاق فوجدنا نسبة الطلاق الذي يوجد انفصالا يحتمل إساءة استعمال ذلك الحق تهبط إلى نحو 1 % أو 2%. (ج) وأما بالنسبة للتشرد فقد أثبتت الإحصاءات أن الطلاق يقل عند وجود الولد ويكثر إذا لم يكن ولد. وقد أثبتت الإحصاءات أن 75 % من وقائع الطلاق تكون في عدم إعقاب أي ولد وإن كان 17% من وقائع الطلاق بعد أعقاب ولد واحد، ثم تهبط النسبة بعد ذلك كلما كثر الأولاد حتى إذا وصل العدد إلى خمسة أولاد هبطت النسبة حتى تصل إلى ربع في المائة من وقائع الطلاق، فهل يوجد برهان أقوى من هذا يدل على أن التشرد ليس سببه الطلاق وإنما سببه الحقيقي هو ضعف الرقابة من الولي على النفس الذي يقوم بتربية الأطفال ورعايتهم؟، على "أن الإحصاء بالنسبة لجرائم الأحداث أثبت أن الانفصال الجسدي وهجر الأب للبيت أكثر من الطلاق تأثيرا.