تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا} (110)

{ قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } ، يقول : ربكم رب واحد ، { فمن كان يرجوا لقاء ربه } ، يقول : من كان يخشى البعث في الآخرة ، نزلت في جندب بن زهير الأزدي ، ثم العامري ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا لنعمل العمل نريد به وجه الله عز وجل ، فيثنى به علينا ، فيعجبنا ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله لغني لا يقبل ما شورك فيه" ، فأنزل الله عز وجل : { فمن كان يرجوا لقاء ربه } { فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } آية .

حدثنا عبيد الله ، قال حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "يقول الله عز وجل : أنا خير شريك ، من أشركني في عمل ، جعلت العمل كله لشريكي ، ولا أقبل إلا ما كان لي خالصا" .

ختام السورة:

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن شيبان أبي معاوية التميمي ، قال : إن الله عز وجل ليحفظ الصالحين في أبنائهم ؛ لقوله عز وجل : { وكان أبوهما صالحا } [ الكهف :82 ] .

قال : اسم الكهف : بانجلوس ، واسم القرية : اللوس ، واسم المدينة : أفسوس ، واسم الكلب : قطمير ، واسم القاضيين ، أحدهما : مارنوس ، والآخر : اسطوس ، واسم الملك دقيوس ، وأسماء أهل الكهف : دوانس ، ونواس ، مارطونس ، رسارنوس ، وقاطلس ، وطسططنوس ، ومكسلمينا ، ويمليخا .

وحدثنا عبيد الله ، قال : وحدثني أبي ، عن الهذيل ، عن غياث بن إبراهيم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : ما في الأرض لغة إلا أنزلها الله في القرآن ، وقال : اسم جبريل : عبد الله ، واسم ميكائيل : عبيد الله .

قال : وحدثني أبي ، عن الهذيل ، عن الليث بن سعد ، عن عطاء بن خالد ، قال : يحج عيسى إذا نزل في سبعين ألفا ، فيهم أصحاب الكهف ، فإنهم لم يموتوا ولم يحجوا .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : سمعت الواقدي ، ولم أسمع مقاتلا يحدث عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في قوله عز وجل : { . . . . خيرا منه زكاة وأقرب رحما } [ الكهف :81 ] قال : أعقبت بعد ذلك غلاما .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي الهذيل ، عن المسيب ، عن السدي ، ومقاتل ، عن حذيفة ، أنه لما حان للخضر وموسى ، عليهما السلام ، أن يفترقا ، قال له الخضر : يا موسى ، لو صبرت لأتيت على ألف عجيبة أعجب مما رأيت ، قال : فبكى موسى على فراقه .

فقال موسى للخضر : أوصني يا نبي الله ، قال له الخضر : يا موسى ، اجعل همك في معادك ، ولا تخض فيما لا يعنيك ، ولا تأمن الخوف في أمنك ، ولا تيأس من الأمن في خوفك ، ولا تذر الإحسان في قدرتك ، وتدبر الأمور في عاقبتك ، قال له موسى عليه السلام : زدني رحمك الله ، قال له الخضر : إياك والإعجاب بنفسك ، والتفريط فيما بقى من عمرك ، واحذر من لا يغفل عنك ، قال له موسى ، صلى الله عليهما : زدني رحمك الله ، قال له الخضر : إياك واللجاجة ، ولا تمش في غير حاجة ، ولا تضحك من غير عجب ، ولا تعيرن أحدا من الخاطئين بخطاياهم بعد الندم ، وابك على خطيئتك يا بن عمران .

قال له موسى صلى الله عليه وسلم : قد أبلغت في الوصية ، فأتم الله عليك نعمته ، وغمرك في رحمته ، وكلأك من عدوه ، قال له الخضر : آمين ، فأوصني يا موسى .

قال له موسى : إياك والغضب إلا في الله تعالى ، ولا ترض عن أحد إلا في الله عز وجل ، ولا تحب لدنيان ولا تبغض لدنيا تخرج من الإيمان ، وتدخلك في الكفر . قال الخضر ، عليهما السلام : قد أبلغت في الوصية ، فأعانك الله على طاعته ، وأراك السرور في أمرك ، وحبك إلى خلقه ، وأوسع عليك من فضله ، قال له موسى : آمين . فبينما هما جلوس على ساحل البحر إذ انقضت خطافة فنقرت بمنقارها من البحر نقرتين .

قال موسى للخضر عليهما السلام : يا نبي الله ، هل تعلم ما نقص من البحر ؟ قال له الخضر : لولا ما نراد فيه لأخبرتك ، قال موسى للخضر : يا نبي الله ، هل من شيء ليس فيه بركة ؟ قال له الخضر : نعم يا موسى ، ما من شيء إلا وفيه بركة ما خلا آجال العباد ، ومدتهم ، ولولا ذلك لفني الناس . قال موسى : وكيف ذلك ؟ قال له الخضر : لأن كل شيء ينقص منه ، فلا يزاد فيه ينقطع ، قال له موسى : يا نبي الله ، من أجل أي شيء أعطاك الله عز وجل من بين العباد أن لا تموت حتى نسأل الله تعالى ، واطلعت على ما في قلوب العباد تنظر بعين الله عز وجل ؟ .

قال له الخضر : يا موسى ، بالصبر عن معصية الله ، عز وجل ، والشكر لله ، عز وجل ، في نعمته ، وسلامة القلب لا أخاف ولا أرجو دون الله أحدا .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : سمعت عبد القدوس يحدث عن الحسن ، قال : سمعت ابن عباس على المنبر يقول : { فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما } [ الكهف :81 ] ، قال : جارية مكان الغلام .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبي ، عن الهذيل ، عن المسيب ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : { . . . وكان تحته كنز لهما . . . } قال : كان لوحا من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله ، أحمد رسول الله ، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟ وعجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟ وعجبت لمن يرى الدنيا وتصريف أهلهما كيف يطمئن إليها ؟ .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن أبي يوسف ، عن الحسن بن عمارة ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : { . . . لا تؤاخذني بما نسيت . . . } قال : لم ينس ، ولكن هذا من معاريض الكلام .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : سمعت المسيب يحدث عن عبيد الله بن مالك ، عن علي ، رضي الله عنه ، وقد لقيه ، قال : إن الترك سرية خرجوا من يأجوج ومأجوج يغيرون على الناس فردم ذو القرنين دونهم فبقوا . قال مقاتل : إنما سموا الترك ؛ لأنهم تركوا خلف الردم .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : انتهى ذو القرنين إلى ملك من ملوك الأرض ، فقال لذي القرنين : إنك قد بلغت ما لم يبلغه أحد ، وقد أخبرت أن عندك علما ، وأنا سائلك عن خصال أربع ، فإن أنت أخبرتني عنهم علمت أنك عالم .

ما اثنان قائمان ؟ واثنان ساعيان ؟ واثنان مشتركان ؟ واثنان متباغضان ؟ قال له ذو القرنين : أما الاثنان القائمان فالسموات والأرض لم يزولا منذ خلقهما الله عز وجل ، وأما الاثنان الساعيان فالشمس والقمر لم يزالا دائبين منذ خلقهما الله ، عز وجل ، وأما الاثنان المشتركان فالليل والنهار يأخذ كل واحد منهما من صاحبه ، وأما الاثنان المتباغضان فالموت والحياة لا يحب أحدهما صاحبة أبدا ، قال : صدقت ، فإنك من علماء أهل الأرض .

حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله المزني ، عن مطرف بن الشخير ، أنه قال : فضل العلم خير من فضل العمل ، وخير العمل أوسطه ، والحسنة بين السيئتين .