الآية 110 : وقوله تعالى : { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } أمره أن يخبرهم أنه بشر مثلهم . ثم يكون لذلك الأمر وإخباره إياهم أنه بشر مثلهم وجوه من المعنى .
أحدهما : أنهم كانوا يسألونه آيات خارجة عن وسع البشر وطوقهم ، فأمره أن يخبرهم أنه بشر مثلهم لا يقدر على ما يسألونه من الآيات التي تخرج عن وسع البشر وطوقهم . وليس لأحد التحكم على الله والتخير عليه في شيء . إنما ذلك إلى الله ؛ وإن شاء أنزل ، وإن شاء لم ينزل ، وأنا لا أملك شيئا من ذلك .
والثاني : ذكر هذا ليعرفوا أنه إذا جاء من الآيات التي لا يحتمل وسع البشر أن يأتوا بمثلها : أنه إنما أتى بذلك من عند الله لا من ذات نفسه ، إن علموا أن وسع البشر يحتمل ذلك ، فلما أتاهم بذلك إنما أتى بها من عند الله ، وأنه رسول على ما يقول .
والثالث : أمره أن يقول لهم هذا : إنه بشر مثلهم لئلا يحملهم فرط حبهم ( إياه اتخاذه ) {[11890]} إلها ربا على ما اتخذ قوم عيسى عيسى إلها ربا لفرط حبهم إياه .
وقوله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه } فإن كانت الآية في مشركي العرب فهم ينكرون البعث ، ولا يرجونه . لكنه يكون ذكر لقاء ربه لهم لأنهم عرفوا في أنفسهم قديم إحسان الله إليهم ونعمه{[11891]} عليهم . فأمروا أن يعملوا{[11892]} العمل الصالح ليستديموا بذلك الإحسان الذي كان من الله إليهم ، فيحملهم العمل على التوحيد بالله والإقرار بالبعث .
وإن كانت الآية في المؤمنين فيكون تأوليه { فمن كان يرجوا لقاء ربه } أي ثواب ربه { فليعمل عملا صالحا } ليثاب عليه ؛ إذ الثواب إنما يكون للعمل الصالح دون غيره .
وفيه ما ذكرنا أن المقصود من العلم العمل الصالح ، والعلم{[11893]} مما ليس له نهاية ، فالأمر بطلب ما لا نهاية له ليس لنفسه ، ولكن للعمل به ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } يحتمل حقيقة الإشراك في العبادة والألوهية على ما أشرك أولئك : أشركوا الأصنام والأوثان التي عبدوها في عبادته وألوهيته . ويحتمل المراآة في العمل الصالح على ما يرائي بعض أهل التوحيد في بعض ما يعملون من الطاعة والخيرات ، والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.