غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا} (110)

83

ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسلك سبيل التواضع وهو أن حاله مقصور على البشرية لا يتخطاها إلى الملكية إلا أنه امتاز بنعت الإيحاء إليه وكفى به بوناً ومباينة . ثم بين أن الموحى هو { إنما إلهكم إله واحد } .

وفي تخصيص هذا الوحي بالذكر فائدة هي أن يستدل به على صدقه ، فإن من علامات صدق مدعي النبوة أن يدعو إلى التوحيد ، ثم أن يدعو إلى العمل الصالح المقترن بالإخلاص وذلك قوله : { فمن كان يرجو } أي يأمل حسن لقائه أو يخاف سوء لقائه . واللقاء بمعنى الرؤية عند الأشاعرة وبمعنى لقاء الثواب أو العقاب عند المعتزلة { فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } قال المفسرون : النهي عن الإشراك بالعبادة هو أن لا يرائي بعمله ولا يبتغي به إلا وجه ربه . " يروى أن جندب بن زهير قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أعمل العمل لله فإذا اطلع عليه سرني فقال : إن الله لا يقبل ما شورك فيه " . وروي أنه قال : لك أجران أجر السر وأجر العلانية . قال العلماء : الرواية الأولى محمولة على ما إذا قصد بعمله الرياء والسمعة . والرواية الثانية محمولة على ما إذا قصد أن يقتدي به . قال في الكشاف : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نوراً من قرنه إلى قدمه . ومن قرأها كلها كانت له نوراً من الأرض إلى السماء " وعنه صلى الله عليه وسلم : " من قرأ عند مضجعه { قل إنما أنا بشر مثلكم } كان له من مضجعه نوراً يتلألأ إلى مكة ، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم وإن كان مضجعه بمكة كان له نوراً يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ " .

/خ110