فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا} (110)

ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسلك مسلك التواضع ، فقال : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مثْلُكُمْ } أي : إن حالي مقصور على البشرية لا يتخطاها إلى الملكية ، ومن كان هكذا فهو لا يدّعي الإحاطة بكلمات الله إلا أنه امتاز عنهم بالوحي إليه من الله سبحانه فقال : { يوحى إِلَيَّ } وكفى بهذا الوصف فارقاً بينه وبين سائر أنواع البشر ، ثم بيّن أن الذي أوحى إليه هو قوله : { أَنَّمَا إلهكم إله واحد } لا شريك له في ألوهيته ، وفي هذا إرشاد إلى التوحيد ، ثم أمرهم بالعمل الصالح والتوحيد فقال : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّهِ } الرجاء : توقع وصول الخير في المستقبل ، والمعنى : من كان له هذا الرجاء الذي هو شأن المؤمنين { فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالحا } وهو ما دلّ الشرع على أنه عمل خير يثاب عليه فاعله { وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدَا } من خلقه سواء كان صالحاً ، أو طالحاً ، حيواناً أو جماداً ، قال الماوردي : قال جميع أهل التأويل في تفسير هذه الآية : إن المعنى لا يرائي بعمله أحداً .

/خ110