تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (197)

ثم قال عز وجل : { الحج أشهر معلومات } ، يقول : من أحرم بالحج ، فليحرم في شوال ، أو في ذي القعدة ، أو في عشر ذي الحجة ، فمن أحرم في سوى هذه الأشهر ، فقد أخطأ السنة ، وليجعلها عمرة ، ثم قال : { فمن فرض } ، يقول : فمن أحرم { فيهن الحج } ، أي الحج ، { فلا رفث } ، يعني فلا جماع ، كقوله سبحانه : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث } ، يعني الجماع { إلى نسائكم } ( البقرة : 187 ) ، { ولا فسوق } ، يعني ولا سباب ، { ولا جدال في الحج } ، يعني ولا مراء ، كقوله سبحانه : { ما يجادل في آيات الله } ( غافر : 4 ) يعني ما يمارى حتى يغضب وهو محرم ، أو يغضب صاحبه وهو محرم ، فمن فعل ذلك فليطعم مسكينا ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في حجة الوداع ، فقال : "من لم يكن معه هدى فليحل من إحرامه ، وليجعلها عمرة" ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا أهللنا بالحج ، فذلك جدالهم للنبي صلى الله عليه وسلم .

ثم قال عز وجل : { وما تفعلوا من خير } ، يعني ما نهى من ترك الرفث والفسوق والجدال ، { يعلمه الله } ، فيجزيكم به ، ثم قال عز وجل : { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } ، وذلك أن ناسا من أهل اليمن وغيرهم كانوا يحجون بغير زاد ، وكانوا يصيبون من أهل الطريق ظلما ، فأنزل الله عز وجل : { وتزودوا } من الطعام ما تكفون به وجوهكم عن الناس وطلبهم ، وخير الزاد التقوى ، يقول الله تبارك اسمه : التقوى خير زاد من غيره ، ولا تظلمون من تمرون عليه ، { واتقون } ولا تعصون { يا أولي الألباب } ، يعني يا أهل اللب والعقل ، فلما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : "تزودوا ما تكفون به وجوهكم عن الناس ، وخير ما تزودتم التقوى" .