جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (197)

{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ } ، أي : وقته ، { مَّعْلُومَاتٌ } : معروفات ، شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، أو تمامه وفائدته {[339]} كراهة العمرة في بعضه ، أو في تمامه والأكثرون {[340]} على عدم جواز الإحرام بالحج في غيرها ، { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } : أوجب على نفسه بالإحرام ، { فَلاَ رَفَثَ } : لا جماع {[341]} ومقدماته من التقبيل والتكلم به في حضورهن في حكمه ، { وَلاَ فُسُوقَ } : هي المعاصي ، فإنها في الإحرام أقبح ، أو خاص {[342]} بمحظورات الإحرام فقط ، { وَلاَ جِدَالَ } : لا مخاصمة ، أو لا مراء ، وروى أن المشركين يقفون في الحج ويجادلون ، فبعضهم يقول نحن أصوب وبعضهم يقول نحن أو لا جدال في مناسكه ، فإنه قد بين اله تعالى أشهره ومواقفه ، { فِي الْحَجِّ } : في أيامه وفي شأنه ، { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ } : فلا يضيع ، حث على الخير بعد النهي عن الشر ، { وَتَزَوَّدُواْ {[343]} } ، كان أهل اليمن يحجون {[344]} بلا زاد مظهرين التوكل ، ثم يسألون الناس فنزلت ، { فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } ، ومن التقوى الكف عن السؤال والإبرام ، { وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } ، أي : واتقوا عقابي وغضبي يا ذوي العقول .


[339]:فإن العمرة في أشهر الحج مكروه/12 منه
[340]:يعني من السلف كابن عباس وجابر وعطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة وابن جريج وروى ابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، "لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا أشهره"، وعند أبي حنيفة ومالك وأحمد جاز الإحرام بالحج في غير أشهره"، وعند أبي حنيفة ومالك وأحمد جاز الإحرام بالحج في غير أشهره لكن خلاف الأولى/12 منه [وقوله: "لا ينبغي..." أخرجه أيضا الشافعي في الأم وابن أبي شيبة والبيهقي في الكبرى عن جابر موقوفاً مثله، وهو أشبه
[341]:قيل: لا رفث، ليس نفيا لوجوده، بل نفيا لمشروعيته، فيرجع النفي إلى وجوده مشروعا لا محسوساً، كقوله: "لا يمسه إلا المطهرون" [الواقعة: 79] وقوله: "المطلقات يتربصن" [البقرة: 228] وهذه الدقيقة فاتت العلماء، فقالوا إن الخبر يكون بمعنى انتهى/12 منه
[342]:كقتل الصيد وحلق الشعر ونحو ذلك/12 منه
[343]:قيل سياق الكلام دال على أن المراد التزود وتحصيل الأعمال الصالحة التي هي كالزاد إلى سفر الآخرة، فمفعول تزودوا محذوف هو التقوى، ولما حذف مفعوله أتى بخبر إن ظاهراً ليدل على المحذوف، ولولا الحذف لأتى مضمراً/12 منه
[344]:هكذا قال ابن عباس وأناس من الصحابة لا تحصى/12 منه