فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (197)

{ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } كأن : المعنى أشهر الحج أشهر معلومات هن شوال وذو القعدة وذو الحجة فمن ألزم نفسه في هذه الأشهر أن يحج وعزم على ذلك قطعا فلا يكونن منه رفث ولا فسوق ثم أخبر بانتفاء الجدال أي لا شك ولا خلاف في الحج ، إذ قد ارتفع الخلاف الذي كان يحدثه النسئ ؛ قال البخاري قال ابن عمر : هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ؛ قال عبد الله بن عمر الرفث إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء إذ ذكروا ذلك بأفواههم وعن ابن عباس الفسوق المعاصي أو السباب ويشهد لهذا ما جاء في الصحيح ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) ورجح ابن كثير رأي القائلين هو جميع المعاصي كما نهى الله تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم وإن كان في جميع السنة منهيا عنه إلا أنه في الأشهر الحرم آكد- ولهذا قال { . . . منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم . . }{[634]} وقال في الحرم { . . . ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }{[635]} .

{ ولا جدال في الحج } عن عبد الله بن مسعود قال أن تماري صاحبك حتى تغضبه { وما تفعلوا من خير يعلمه الله } [ لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعلا حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم بهم وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } عن عكرمة أن أناسا كانوا يحجون بغير زاد فأنزل الله { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } .

[ لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا فأرشدهم إلى زاد الآخرة وهو استصحاب التقوى إليها وقوله { واتقون يا أولي الألباب } يقول : واتقوا عقابي ونكالي وعذابي لمن خالفني ولم يأتمر بأمري يا ذوي العقول والأفهام ]{[636]} .


[634]:سورة التوبة من الآية 36.
[635]:سورة الحج من الآية 25.
[636]:ما بين العلامتين [] من تفسير القرآن العظيم.