التفسير : إنه سبحانه ابتدأ في هذه السورة بذكر شبهات القوم ؛ فالأولى أنهم تعجبوا من تخصيص الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالنبوة فأزال ذلك التعجب بالإنكار وبالدلائل الدالة على صحة المبدإ والمعاد فكأنه قيل : إنه ما جاء إلا بدليل التوحيد والإقرار بالمعاد فليس للتعجب معنى . ثم شرع في شبهة أخرى وهي أنهم كانوا يقولون أبداً اللهم إن كان محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء فأجابهم بقوله : { ولو يعجل الله } الآية . وقال القاضي : لما ذكر الوعيد على عدم الإيمان بالمبدإ والمعاد ذكر أن ذلك العذاب من حقه أن يتأخر عن هذه الحياة الدنيا وإلا نافى التكليف . وقال القفال : لما وصفهم فيما مر بالغفلة أكد ذلك بأن من غاية غفلتهم أن الرسول متى أنذرهم استعجلوا العذاب فبيّن الله تعالى أنه لا مصلحة في تعجيل إيصال الشر إليهم فلعلهم يؤمنون ، أو يخرج من أصلابهم من يؤمن . كانوا عند نزول الشدائد يدعون الله بكشفها كما يجيء في الآية التالية ، وفي الرخاء كانوا يستعجلون النبي بالعذاب فقال ما معناه : ولو عجلنا لهم الشر الذي دعوا به كما يعجل لهم الخير ونجيبهم إليه لأميتوا وأهلكوا . قال في الكشاف : أصل الكلام ولو يعجل الله للناس الشر تعجيله لهم الخير . فوضع استعجالهم بالخير موضع تعجيله لهم الخير إشعاراً بسرعة إجابته لهم حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل منه لهم . وقيل : التعجيل معناه طلب العجلة إلا أن الاستعجال أشهر وأظهر . فمعنى الآية لو أراد الله عجلة الشر للناس كما أرادوا عجلة الخير لهم . وقيل : هما متلازمان فكل معجل يلزمه الاستعجال إلا أنه تعالى وصف نفسه بتكوين العجلة ووصفهم بطلبها لأن اللائق به التكوين واللائق بهم الطلب . وسمي العذاب في الآية شراً لأنه أذى وألم في حق المعاقب به . ثم إن قوله { لو يعجل } كان متضمناً لمعنى نفي التعجيل فيمكن أن يكون قوله { فنذرهم } معطوفاً على منوي كأنه قيل : ولكن لا يعجل فيذرهم إلزاماً للحجة أو لمصالح أخرى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.