غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَقَالُوٓاْ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمٞ مَّسۡحُورُونَ} (15)

1

{ لقالوا إنما سكرت أبصارنا } هو من سكر الشراب أو من سكر سدّ الشق يقال : سكر النهر إذا سدّه وحبسه من الجري . والتركيب يدل على قطع الشيء من سننه الجاري عليه ومنه السكر في الشراب لأنه ينقطع عما كان عليه من المضاء في حال الصحو . فمعنى الآية حيرت أبصارنا ووقع بها من فساد النظر ما يقع بالرجل السكران ، أو حبست عن أفعالها بحيث لا ينفذ نورها ولا تدرك الأشياء على حقائقها . عن ابن عباس : المراد لو ظل المشركون يصعدون في تلك المعارج وينظرون إلى ملكوت الله تعالى وقدرته وسلطانه وإلى عباده الملائكة الذين هم من خشية ربهم مشفقون لتشككوا في تلك الرؤية وبقوا مصرين على كفرهم وجهلهم كما جحدوا سائر المعجزات من انشقاق القمر وما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن المعجز الذي لا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثله . قال في الكشاف : ذكر الظلول يعني أنه قال { فظلوا } ولم يقل " فباتوا " ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون . وقال : إنما سكرت ليدل على أنهم يبتون القول بأن ذلك ليس إلا تسكيراً للأبصار . وقيل : الضمير في { فظلوا } للملائكة أي لو أريناهم الملائكة يصعدون في السماء عياناً لقالوا : إن السحرة سحرونا وجعلونا بحيث نشاهد هذه الأباطيل التي لا حقيقة لها . وههنا سؤال وهو أنه كيف جاز من جم غفير أن يصيروا شاكين فيما يشاهدونه بالعين السليمة في النهار الواضح ؟ وأجيب بأنهم قوم مخصوصون لم يبلغوا مبلغ التواتر وكانوا رؤساء قليلي العدد فجاز تواطؤهم على المكابرة والعناد لاسيما إذا جمعهم غرض معتبر كدفع حجة أو غلبة خصم .

/خ50