غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مُهۡطِعِينَ مُقۡنِعِي رُءُوسِهِمۡ لَا يَرۡتَدُّ إِلَيۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَآءٞ} (43)

35

{ مهطعين } مسرعين قاله أبو عبيدة . والغالب من حال من يبقى بصره شاخصاً من شدة الخوف أن يبقى واقفاً ، فبين الله تعالى أن حالهم بخلاف هذا المعتاد لأنهم مع شخوص أبصارهم يكونون مسرعين نحو ذلك البلاء . وقال أحمد بن يحيى : المهطع الذي ينظر في ذل وخضوع . وقيل : هو الساكت { مقنعي رؤوسهم } رافعيها وهذا أيضاً بخلاف المعتاد لأن الغالب ممن يشاهد البلاء أنه يطرق رأسه لكيلا يراه { لا يرتد إليهم طرفهم } الطرف تحريك الأجفان على الوجه الذي خلق وجبل عليه . وسمى العين بالطرف تسمية بفعلها أي لا يرجع إليهم أن يطرفوا بعيونهم ، والمراد دوام الشخوص المذكور . وقيل : أي لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم { وأفئدتهم هواء } والهواء الخلاء الذي يشغله الأجرام . وصف قلب الجبان به لأنه لا قوة فيه ، ويقال للأحمق أيضاً قلبه هواء . والمعنى . أن قلوب الكفار خالية يوم القيامة عن جميع الخواطر والأفكار لعظم ما نالهم ، وعن كل رجاء وأمل لما تحققوه من العذاب . والأظهر أن هذه الحالة لهم عند المحاسبة لتقدم قوله : { يوم يقوم الحساب } وقيل : هي عندما يتميز السعداء من الأشقياء . وقيل : عند إجابة الداعي والقيام من القبور . وعن ابن جريج : أراد أن أفئدة الكفار في الدنيا صفر من الخير خاوية منه . قال أبو عبيدة : جوف لا عقول لهم .

/خ52