الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لَقَالُوٓاْ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمٞ مَّسۡحُورُونَ} (15)

وقرأ السبْعَةُ سِوَى ابن كثيرٍ «سُكِّرَتْ » [ الحجر : 15 ] بضم السِّين وشدِّ الكاف ، وقرأ ابن كثير بتخفيف الكافِ ، تقول العربُ : سَكِرَتِ الرِّيحُ تَسْكَرُ سُكُوراً ، إِذا ركَدَتْ ، ولم تنفذ لما كانت بسبيله أولاً ، وسَكِرَ الرجُلُ من الشَّرابِ ، إِذا تغيَّرت حاله وركَدَ ، ولم ينفذ لما كان بسبيله أنْ ينفذ فيه ، وتقول العرب : سَكَرْتُ البَثْقَ في مجاري المَاءِ سكراً إِذا طَمَسْتَهُ وَصَرَفْتَ الماء عنه ، فلم يَنْفذ لوجْهه .

قال ( ع ) : فهذه اللفظةِ «سُكِّرَتْ » بشدِّ الكافِ إِن كانَتْ من سُكْرِ الشراب ، أوْ من سُكُور الريحِ ، فهي فعلٌ عُدِّيَ بالتضعيفِ ، وإِن كانَتْ من سكرِ مجاري الماءِ ، فتضعيفُها للمبالغة ، لا للتعدِّي ، لأن المخفَّف من فعله متعدٍّ ، ومعنى هذه المقالةِ منهم : أي : غُيِّرَتْ أبصارنا عما كانَتْ عليه ، فهي لا تنفذ وتعطينا حقائقَ الأشياءِ : كما كانَتْ تفعلُ .