{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله } وفي التصريح بالتحريم بعد النهي تأكيد للخطر . ولا ولما فرغ من التكليف بالاحتياط في مبدأ حال الإنسان شرع بالتكليف بالاحتياط في آخر عمره فقال : ريب أن الأصل في قتل الإنسان هو التحريم لأنه ضرر ، والأصل في المضار الحرمة ، ولأن الإنسان خلق للاشتغال بالعبادة وإنه لا يتم إلا بالحياة وكمال البنية ، ولكن الحل إنما يثبت لأسباب عرضية فلهذا قال : { إلا بالحق } وهذا بحمل فبين ذلك الحق بقوله : { ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً } أي تسلطاً على استيفاء القصاص . فظاهر الآية دل على أنه لا سبب لحل القتل إلا إذا قتل مظلوماً ، وظاهر قوله عليه السلام " لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ؟ وقتل نفس بغير حق " يقتضي ضم شيئين آخرين إليه فرعاً على القول بتخصيص عموم القرآن بخبر الواحد . ويحتمل أن يقال قوله : { ومن قتل مظلوماً } . كلام مستأنف ، والحديث بتمامه تفسير لقوله : { إلا بالحق } فلا يلزم التفريع المذكور . ثم إنه دلت آية أخرى على حصول سبب رابع هو قوله : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } { المائدة : 33 ] وآية أخرى على سبب خامس وهو الكفر الأصلي : { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } [ البقرة : 191 ] هذا وقد أبدى الفقهاء أسباباً أخر منها : أن تارك الصلاة يقتل عند الشافعي دون أبي حنيفة ، وكذا اللائط . ومنها الساحر إذا قال : قتلت فلاناً بسحري . وجوز بعضهم قتل من يمنع الزكاة أو يأتي البهيمة ، والذين منعوا القتل في هذه الصور قالوا : الأصل حرمة القتل كما بيناه فلا يترك هذا الدليل إلا لمعارض أقوى لا أقل من المساوي وهو النص المتواتر . ثم إنه سبحانه أثبت لوليّ الدم سلطاناً . ولم يبين أن هذه السلطنة تحصل فيماذا فقيل : إنه قال : { فلا يسرف في القتل } عرف أن تلك السلطنة إنما تحصل في استيفاء القتل . وقيل : معنى قوله : { فلا يسرف في القتل } إنه لما حصلت له سلطنة استيفاء القصاص وسلطنة استيفاء الدية بقوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } إلى قوله : { فمن عفى }
[ البقرة : 178 ] الآية . فالأولى به أن لا يقدم على استيفاء القتل وأن يكتفي بالعفو وأخذ الدية ، فثبت أن هذه الآية لا يجوز التمسك بها في مسألة أن موجب العمد هو القصاص . وعن الشافعي أن التنوين في قوله : { مظلوماً } للتنكير فيدل على أن المقتول ما لم يكن كاملاً في وصف المظلومية لم يدخل تحت هذا النص ، فيعلم منه أن المسلم لا يقتل بالذمي لأن الذمي مشرك فإن ذنبه غير مغفور كالمشرك ، ولأن النصارى قائلون بالتثليث وقد قال تعالى : { اقتلوا المشركين } [ التوبة : 5 ] فثبت أن الذمي غير كامل في المظلومية فلا يندرج في الآية . وأيضاً ليس فيها دلالة على أن الحر يقتل بالعبد لأنها وإن كانت عامة إلا أن قوله { الحر بالحر والعبد بالعبد }
[ البقرة :178 ] خاص والخاص مقدم على العام . من قرأ { فلا تسرف } بالتاء الفوقانية فعلى خطاب الولي أو قاتل المظلوم ، ومن قرأ على الغيبة فالضمير للولي أي فلا يقتل غير القاتل ولا اثنين والقاتل واحد كعادة الجاهلية . وعن مجاهد أن الضمير الأول للقاتل ، أما الضمير في قوله : { إنه كان منصوراً } فإما للولي أي حسبه أن الله قد نصره بإيجاب القصاص فلا يستزاد عليه ، أو نصره بمعونة السلطان والمؤمنين فلا يتبع ما وراء حقه ، وإما للمظلوم فإن الله نصره في الدنيا بإيجاب القصاص على قاتله ، وفي الآخرة بإعطاء الثواب . وأما الذي يقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله فإنه منصور بإيجاب القصاص على المسرف .
ولما ذكر النهي عن إتلاف النفوس في المبادىء وفيما وراءها أتبعه النهي عن إتلاف الأموال وكان أهمها بالحفظ والرعاية مال اليتيم فقال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.