غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدٗا} (109)

83

ولما ذكر أنواع الدلائل والبينات وشرح أقاصيص سئل عنها . نبه على كمال حال القرآن . والمداد اسم لما يمد به الشيء كالحبر والزيت للدواة والسراج ، والمعنى لو كتبت كلمات علم الله وحكمه وفرض أن جنس البحر مداد لهما لنفد البحر قبل نفاد الكلمات ولو جئنا بمثل البحر مدداً لنفد أيضاً وهو تمييز من مثله كقولك " على التمرة مثلها زبداً " . والمدد والمداد واحد . يروى أن حيي بن أخطب قال : في كتابكم

{ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } [ البقرة : 269 ] ثم تقرأون { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } [ الإسراء : 85 ] فنزلت هذه الآية . يعنى أن ذلك خير كثير ولكنه قطرة من بحر كلمات الله . قالت الأشاعرة : إن كلام الله تعالى واحد . واعترض عليهم بهذه الآية فإنها صريحة في إثبات كلمات كثيرة لله تعالى . وأجيب بأن المراد من الكلمات متعلقات علم الله تعالى . وزعم الجبائي أن قوله : { قبل أن تنفد كلمات ربي } يدل على أن كلمات الله قد تنفد بالجملة وما ثبت عدمه امتنع قدمه . وأجيب بأن المراد الألفاظ الدالة على تعلقات تلك الصفة الأزلية . قلت : الإنصاف أن نفاد شيء قبل نفاد شيء آخر لا يدل على نفاد الشيء الآخر ولا على عدم نفاده ، فلا يستفاد من الآية إلا كثرة كلمات الله بحيث لا يضبطها عقول البشر . أما أنها متناهية أو غير متناهية فلا دليل في الآية على أحد النقيضين ، ولكن الحق في نفس الأمر أن كلمات الله لا تتناهى لأنها تابعة لمعلوماته وهي غير متناهية بالبرهان .

/خ110