ولما ذكر تعالى في هذه السورة أنواع الدلائل والبيّنات وشرح فيها أقاصيص الأوّلين والآخرين نبه على حال كمال القرآن بقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قل } يا أشرف الخلق للخلق { لو كان البحر } أي : ماؤه على عظمته عندكم { مداداً } وهو اسم لما يمدّ به الشيء كالحبر للدواة والسليط للسراج { لكلمات } أي : لكتب كلمات { ربي } أي : المحسن إليّ { لنفد } أي : فني مع الضعف فناء لا تدارك له { البحر } لأنه جسم متناه { قبل أن تنفذ } أي : تفنى وتفرغ { كلمات ربي } لأنّ معلوماته تعالى غير متناهية والمتناهي لا يفي البتة بغير المتناهي ، وقرأ حمزة والكسائي بالياء التحتية على التذكير والباقون بالفوقية على التأنيث . ولما لم يكن أحد غيره يقدر على إمداد البحر قال تعالى : { ولو جئنا بمثله } أي : بمثل البحر الموجود { مدداً } أي : زيادة ومعونة ونظيره قوله تعالى : { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه } [ لقمان ، 27 ] ، واختلف في سبب نزول هذه الآية ، فقال البغوي وابن عباس : قالت اليهود : تزعم يا محمد أنا قد أوتينا الحكمة ، وفي كتابك { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } [ البقرة ، 269 ] ، ثم تقول : { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } [ الإسراء ، 85 ] فأنزل اللّه تعالى هذه الآية ، وقال البيضاوي : وسبب نزولها أن اليهود قالوا : في كتابكم { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } وتقرؤون { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } انتهى . وقال في «الكشاف » يعني أن ذلك خير كثير ولكنه قطرة من بحر كلمات اللّه ، وقيل : لما نزل { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } قالت اليهود : أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء فأنزل اللّه تعالى هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.