التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدٗا} (109)

قوله تعالى { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا }

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لو جئنا بمثله مددا } أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول : { ولو كان البحر مدادا لكلمات ربي } أي لو كان ماء البحر مدادا للأقلام التي تكتبها كلمات الله { لنفد البحر } أي فرغ وانتهى قبل أن تنفد كلمات ربي { ولو جئنا بمثله مددا } أي ببحر آخر مثله مددا أي زيادة عليه . وقوله { مددا } منصوب على التمييز ويصح إعرابه حالا وقد زاد هذا المعنى إيضاحا في سورة لقمان في قوله تعالى { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله } الآية وقد دلت هذه الآيات على أن كلماته تعالى لا نفاذ لها سبحانه وتعالى علوا كبيرا .

قال الترمذي : حدثنا قتيبة ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قالت قريش ليهود : أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل ، فقال : سلوه عن الروح قال : فسألوه عن الروح ، فأنزل الله { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } قالوا : أوتينا علما كثيرا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا ، فأُنزلت : { قل لو كان البحر مددا لكلمات ربي لنفد البحر } إلى آخر الآية .

( السنن5/304ح3140-ك التفسير ، ب ومن سورة بني إسرائيل ) . وقال : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه . وأخرجه النسائي ( التفسير2/28ح334 ) ، وأحمد( المسند ح2309 ) كلاهما عن قتيبة به ، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان1/301ح99 )من طريق : مسروق بن المرزبان والحاكم ( المستدرك2/531 ) من طريق : يحيى بن يحيى . كلاهما عن ابن أبي زائدة به . قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . وقال الحافظ ابن حجر : رجاله رجال مسلم ( فتح الباري8/401 ) وصححه كل من محقق المسند والنسائي ، وقال الألباني : صحيح الإسناد ( صحيح الترمذي ح2510 ) . وقد تقدم مثله من حديث ابن مسعود عند البخاري تحت الآية ( 85 ) من سورة الإسراء لكن بدون ذكر نزول آية الكهف .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله : { البحر مدادا لكلمات ربي } ، للقلم .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { ولو كان البحر مدادا لكلمات ربي } ، يقول : إذا لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله وحكمه .