الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالُواْ لَن نُّؤۡثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَاۖ فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَآ} (72)

{ قَالُواْ } يعني السحرة { لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ } قال مقاتل : يعني اليد والعصا .

وأخبرنا البيهقي والأصفهاني قالا : أخبرنا مكي بن عبدان قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا روح قال : حدَّثنا هشام بن أبي عبد الله عن القاسم بن أبي برزة قال : جمع فرعون سبعين ألف ساحر ، فألقوا سبعين ألف حبل وسبعين ألف عصا حتى جعل موسى يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ، فأوحى الله سبحانه أن ألق عصاك ، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فاغر فاه ، فابتلع حبالهم وعصيّهم وأُلقي السحرة عند ذلك سجداً فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار ورأوا ثواب أهلها ، عند ذلك قالوا { لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ } يعنى الجنة والنار وما رأوا من ثوابهم ودرجاتهم .

قال : وكانت امرأة فرعون تسأل : من غلب ؟ فيقال : غلب موسى ، فتقول : آمنت برب موسى وهارون ، فأرسل إليها فرعون فقال : انظروا أعظم صخرة تجدونها فأتوها فإنْ هي رجعت عن قولها فهي امرأته ، وإنْ هي مضت على قولها فألقوا عليها الصخرة ، فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء فأريت بيتها في الجنة فمضت على قولها وانتزعت روحها ، وألقيت على جسد لا روح فيه .

{ وَالَّذِي فَطَرَنَا } يعني وعلى الذي خلقنا ، وقيل : هو قسم { فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } فاحكم ما أنت حاكم ، واصنع ما أنت صانع من القطع والصلب { إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَآ } يقول : إنّما تملكنا في الدنيا ليس لك علينا سلطان إلاّ في الدنيا