ثم عاد إلى بيان أن أمر التكاليف مستقر على ما في هذه الشريعة فقال : { لكل أمة } الآية . قال في الكشاف : إنما فقد العاطف ههنا بخلاف نظرائها في السورة لأن تلك مناسبة لما تقدمها في هذه مباينة لها . قلت : وذلك لأن من ههنا إلى آخر السورة عوداً بعد ذكر المعاد إلى الوسط الذي هو حالة التكليف ، والأقرب أن المنسك في هذه الآية هو الشريعة كقوله لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } [ المائدة : 48 ] وهو قول ابن عباس في رواية عطاء . وقيل : أراد مكاناً معيناً وزماناً لأداء الطاعات . وقال مجاهد : هو الذبائح ولا وجه للتخصيص ههنا والأمة أعم من أن تكون قد بقيت آثارهم أو لم تبق . أما الضمير في قوله { فلا ينازعنك } فلا بد من رجوعه إلى الأمم الباقية آثارهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الزجاج : إنه نهي له عن منازعتهم كما تقول " لا يضاربنك فلان " أي لا تضار به . وذلك أن المفاعلة تقتضي العكس ضمناً . وقال في الكشاف : هو نهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك ، أو هو زجر لهم عن التعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنازعة في أمر الدين وكانوا يقولون في الميتة " مال كم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله " . ومنه يعلم استقرار أمر الديانة على هذه الشريعة وأن على كل أمة من الأمم التي بقيت منها بقية أن يتبعوه ويتركوا مخالفته فلذلك قال : { وأدع إلى ربك } أي لا تخص بالدعوة أمة دون أمة فإن كلهم أمتك { إنك لعلى هدى مستقيم } أي على دين وسط دليل ظاهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.