عاد سبحانه إلى بيان أمر التكاليف مع الزجر لمعاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الأديان عن منازعته فقال : { لكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } أي لكلّ قرن من القرون الماضية وضعنا شريعة خاصة ، بحيث لا تتخطى أمة منهم شريعتها المعينة لها إلى شريعة أخرى ، وجملة : { وَهُمْ نَاسِكُوهُ } صفة ل{ منسكاً } ، والضمير لكل أمة ، أي تلك الأمة هي العاملة به لا غيرها ، فكانت التوراة منسك الأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى ، والإنجيل منسك الأمة التي من مبعث عيسى إلى مبعث محمد صلى الله عليه وسلم . والقرآن منسك المسلمين ، والمنسك : مصدر لا اسم مكان كما يدلّ عليه : { هم ناسكوه } ، ولم يقل : ناسكون فيه . وقيل : المنسك : موضع أداء الطاعة ، وقيل : هو الذبائح ، ولا وجه للتخصيص ، ولا اعتبار بخصوص السبب ، والفاء في قوله : { فَلاَ ينازعنك فِي الأمر } لترتيب النهي على ما قبله ، والضمير راجع إلى الأمم الباقية آثارهم ، أي : قد عينا لكل أمة شريعة ، ومن جملة الأمم هذه الأمة المحمدية ، وذلك موجب لعدم منازعة من بقي منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومستلزم لطاعتهم إياه في أمر الدين ، والنهي إما على حقيقته ، أو كناية عن نهيه عن الالتفات إلى نزاعهم له . قال الزجاج : إنه نهي له صلى الله عليه وسلم عن منازعتهم ، أي لا تنازعهم أنت ، كما تقول لا يخاصمك فلان أي : لا تخاصمه ، وكما تقول لا يضاربنك فلان ، أي لا تضاربه ، وذلك أن المفاعلة تقتضي العكس ضمناً ، ولا يجوز لا يضربنك فلان وأنت تريد : لا تضربه . وحكي عن الزجاج أنه قال في معنى الآية : فلا ينازعنك ، أي فلا يجادلنك . قال : ودلّ على هذا { وَإِن جادلوك } وقرأ أبو مجلز : «فلا ينزعنك في الأمر » أي لا يستخفنك ولا يغلبنك على دينك . وقرأ الباقون : { ينازعنك } من المنازعة { وادع إلى رَبّكَ } أي وادع هؤلاء المنازعين ، أو ادع الناس على العموم إلى دين الله وتوحيده والإيمان به { إِنَّكَ لعلى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } أي طريق مستقيم لا اعوجاج فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.