الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لِّكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدٗى مُّسۡتَقِيمٖ} (67)

ثم قال تعالى : { لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه }[ 65 ] .

أي : لكل جماعة قوم لنبي خلا قلبك يا محمد ، جعلنا مألفا يألفونه ، ومكانا يعتادونه لعبادة الله تعالى ، وقضاء فرائضه ، وعملا يلزمونه .

وأصل المنسك : المكان المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه لخير{[47195]} أو شر ، وإنما سميت المناسك مناسك الحج لتردد الناس إليها للعمل الذي فرض عليهم لعمل الحج والعمرة فألقوه .

وكسر ( السين ) لغة أهل الحجاز ، وفتحها لغة أسد{[47196]} .

قال ابن عباس{[47197]} : جعلنا منسكا . أي : عيدا .

وقال مجاهد{[47198]} : وهو إراقة الدم بمكة .

وقال قتادة{[47199]} : ( منسكا ) ذبحا وحجا .

وقد روي أن المشركين جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في إراقة الدم أيام النحر{[47200]} فهذه الآية في ذلك والله أعلم . دل على هذا التأويل قوله : { فلا ينازعنك في الأمر } أي{[47201]} : فلا يجادلنك في ذبحك{[47202]} ونسكك قولهم : أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله وهو الميتة .

ومعنى : ( فلا ينازعنك ) ، أي : فلا تنازعنهم لأنهم قد نازعوه في ذلك قبل نزول الآية .

ثم قال : { وادع إلى ربك }[ 65 ] .

أي : ادع يا محمد منازعيك من المشركين بالله في نسكك وذبحك إلى اتباع أمر ربك بأن يأكلوا ما ذبحوه بعد اتباعك والتصديق بما جئتهم به . { إنك لعلى هدى مستقيم } أي : طريق غير زائل عن الحق والصواب .


[47195]:ز: بخيره (تحريف).
[47196]:قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وعاصم (منسكا) بفتح السين في حرفي السورة جميعا وقرأ حمزة والكسائي (منسكا) بكسر السين في الحرفين جميعا. انظر: كتاب السبعة 436.
[47197]:انظر: جامع البيان 17/198.
[47198]:انظر: جامع البيان 17/198 الدر المنثور 4/369.
[47199]:انظر: المصدر السابق.
[47200]:ز: بمعنى.
[47201]:أي سقطت من ز.
[47202]:ز: ذلك.