غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا} (77)

51

ثم ذكر أنه غني عن طاعة الكل وأنه إنما كلفهم لينتفعوا بذلك . قال الخليل : ما أعبأ بفلان أي ما أصنع به كأنه يستقله ويستحقره ويدعي أن وجوده وعدمه سواء . وقال الزجاج : { ما يعبأ بكم ربي } يريد أي وزن يكون لكم عنده ؟ والعبء الثقل ، و " ما " استفهامية أو نافية ، والدعاء إما مضاف إلى المفعول أي لولا دعاؤه إياكم إلى الدين والطاعة ، وإما إلى الفاعل أي لولا إيمانكم أو لولا عبادتكم أو لولا دعاؤكم إياه في الشدائد كقوله { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله } [ العنكبوت : 65 ] أو لولا شكركم له على إحسانه كقوله { ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم } [ النساء : 147 ] أو ما يصنع بعذابكم لولا دعاؤكم معه آلهة ، أو ما خلقتكم وبي إليكم حاجة إلا أن تسألوني فأعطيكم أو تستغفروني فأغفر لكم .

قوله : { فقد كذبتم } أي أعلمتكم أني لا أعتد بعبادي إلا لعبادتهم فقد خالفتم بتكذيبكم حكمي . { فسوف يكون لزاماً } وهو عقاب الآخرة نظيره قول الملك لمن استعصى عليه : إن من عادتي أن أحسن إلى من يطيعني فقد عصيت فسوف ترى عقوبتي . والخطاب لجنس الإنس وإذا وجد في جنسهم التكذيب فقد صح الخطاب ، والأوجه أن يترك اسم " كان " غير منطوق به ليذهب الوهم كل مذهب من أنواع الإبعاد . وقيل : يكون العقاب لزاماً . وعن مجاهد : هو القتل يوم بدر وقد لوزم إذ ذاك بين القتلى لزاماً والله تعالى أعلم .

/خ77