غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

21

يروى أن أم سلمة أو كل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن : يا رسول الله ذكر الله الرجال في القرآن ولم يذكر النساء فنحن نخاف أن لا يقبل منا طاعة فنزلت : { إن المسلمين والمسلمات } وذكر لهن عشر مراتب : الأولى التسليم والانقياد لأمر الله ، والثانية الإيمان بكل ما يجب أن يصدّق به فإن المكلف يقول أولاً كل ما يقول الشارع فأنا أقبله فهذا إسلام ، فإذا قال له شيئاً وقبله صدق مقالته وصحح اعتقاده . ثم إن اعتقاده يدعوه إلى الفعل الحسن والعمل الصالح فيقنت ويعبد ، وهو المرتبة الثالثة ، ثم إذا آمن وعمل صالحاً كمل غيره ، ويأمر بالمعروف وينصح أخاه فيصدق في كلامه عند النصيحة وهو المراد بقوله { والصادقين والصادقات } ثم إن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يصيبه أذى فيصبر عليه كما قال في قصة لقمان

{ واصبر على ما أصابك } [ الآية : 17 ] أي بسببه . ثم إنه إذا كمل في نفسه وكمل غيره قد يفتخر بنفسه ويعجب بعبادته فمنعه منه بقوله { والخاشعين والخاشعات } وفيه إشارة إلى الصلاة لأن الخشوع من لوازمها { قد أفلح المؤمنون الذي هم في صلاتهم خاشعون } [ المؤمنون : 1 ، 2 ] فلذلك أردفها بالصدقة . ثم بالصيام المانع مطلقاً من شهوة البطن فضم إلى ذلك الحفظ من شهوة الفرج التي هي ممنوع منها في الصوم مطلقاً وفي غير الصوم مما وراء الأزواج والسراري . ثم ختم الأوصاف بقوله { والذاكرين الله كثيراً } يعني أنهم في جميع الأحوال يذكرون الله يكون إسلامهم وإيمانهم وقنوتهم وصدقهم وصومهم وحفظهم فروجهم لله . وإنما وصف الذكر بالكثرة في أكثر المواضع فقال في أوائل السورة { لمن يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً } وقال في الآية { والذاكرين الله كثيراً } ويجيء بعد ذلك { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } لأن الإكثار من الأفعال البدنية متعسر يمنع الاشتغال ببعضها من الاشتغال بغيرها بحسب الأغلب ، ولكن لا مانع من أن يذكر الله وهو آكل أو شارب أو ماشٍ أو نائم أو مشغول ببعض الصنائع والحرف ، على أن جميع الأعمال صحتها أو كمالها بذكر الله تعالى وهي النية . قال علماء العربية : في الآية عطفان : أحدهما عطف الإناث على الذكور ، والآخر عطف مجموع الذكور والإناث على مجموع ما قبله . والأول يدل على اشتراك الصنفين في الوصف المذكور وهو الإسلام في الأول والإيمان في الثاني إلى آخر الأوصاف ، والثاني من باب عطف الصفة على الصفة فيؤل معناه إلى أن الجامعين والجامعات لهذه الطاعات أعد الله لهم .

/خ40