غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ ٱلۡأَعۡلَىٰ وَيُقۡذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٖ} (8)

1

والضمير في قوله { لا يسمعون } لكل شيطان لأنه في معنى الجمع . والتسمع تكلف السماع سمع أو لم سمع وقد ضمن معنى الإصغاء فلذلك عدّي بإلى . وقيل : معنى سمعت إليه صرفت إلى جهته سمعي . قال جار الله : هذه الجملة لا يصح أن تكون صفة لأن الحفظ من شياطين غير سامعين أو مستمعين لا معنى له ، ولا يصح أن يكون استئنافاً لأن سائلاً لو سأل : لم يحفظ من الشياطين ؟ فأجيب بأنهم لا يسمعون . لم يستقم فبقي أن يكون كلاماً منقطعاً مبتدأ به لاقتصاص حال المسترقة للسمع . قلت : لو كان صفة باعتبار ما يؤول إليه حالهم جاز ، وكذا إن كان مستأنفاً كأنه قيل : لم يحفظ فأجيب لأنهم يؤولون إلى كذا . ومن هنا زعم بعضهم أن أصله لئلا يسمعوا لهم فحذفت اللام ثم " أن " وأهدر عملها كما في قول القائل :

*** ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ***

ورد عليه في الكشاف أن حذف اللام في قولك " جئتك أن تكرمني " وحذف " أن " في قول الشاعر جائز ، فأما اجتماعهما فمنكر من المنكرات . قلت : إن القرآن حجة على غيره مع أن قول الشاعر أيضاً لا يصح إلا بتقدير اللام أو " من " مع " أن " . والملأ الأعلى الملائكة لأنهم يسكنون السموات . وعن ابن عباس : أراد أشراف الملائكة . وعنه : الكتبة من الملائكة . والقذف الرمي بحجر تقول : قذفته بحجر أي رميت إليه حجراً . وقوله { من كل جانب } أي مرة من هذا الجانب ومرة من هذا الجانب . وقيل : من كل الجوانب .

/خ82