غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَٱسۡتَفۡتِهِمۡ أَهُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَم مَّنۡ خَلَقۡنَآۚ إِنَّا خَلَقۡنَٰهُم مِّن طِينٖ لَّازِبِۭ} (11)

1

أما الطريق الأوّل فأشار إليه بقوله :{ فاستفتهم } أي سل قومك أو صاحبهم وأراد بمن خلقنا ما ذكرنا من الملائكة والسموات والأرض والمشارق والكواكب والشهب والشياطين ، وغلب أولي العقل على غيرهم . وقيل : أراد عاداً وثمود ومن قبلهم من الأمم الخالية . والقول الأول أقوى بدليل فاء التعقيب ولإطلاق قوله { خلقنا } إكتفاء ببيان ما تقدمه كأنه قال : خلقنا كذا وكذا من عجائب الخلق ، فاستخبرهم أهم أشد خلقاً أم هذه الخلائق ، ومن هان عليه هذه كان خلق البشر بل إعادته عليه أهون . وأما الطريق الثاني فإليه الإشارة بقوله { إنا خلقناهم من طين لازب } أي لازم والباء بدل من الميم عند أكثرهم ولهذا قال ابن عباس : هو الملتصق من الطين الحر . وقال مجاهد والضحاك : هو المنتن . ووجه الاستدلال أن هذا الجسم لو لم يكن قابلاً للحياة لم يقبلها من أول الأمر ، وإذا قبلها أوّلاً فلا يبقى ريب في قبولها ثانياً ، وقادرية الله تعالى باقية على حالها فالإعادة أمر ممكن ، وقد أخبر الصادق عن وقوعها فيجب وقوعها . وفي هذا الطريق الثاني تقوية للطريق الأوّل ، فإن خلقهم من الطين شهادة عليهم بالضعف والرخاوة .

/خ82