غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ كَيۡ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ مِنكُمۡۚ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (7)

2

ثم روي أنه قسمها بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئاً إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة وسهل بن حنيف والحرث بن أبرهة ، قال الواحدي : كان الفيء مقسوماً في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم : أربعة منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وكذا خمس الباقي ، والسهم الأربعة من هذا الباقي لذي القربى ولد بني هاشم والمطلب ، واليتامى والمساكين وابن السبيل . وأما بعد الرسول فللشافعي فيه قولان : أحدهما أنه للمجاهدين المترصدين للقتال في الثغور لأنهم قاموا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في رباط الثغور . والثاني أنه يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثغور وحفر الأنهار وبناء القناطر الأهم فالأهم . هذا في الأربعة الأخماس التي كانت له ، وأما السهم الذي كان له من خمس الفيء فإنه لمصالح المسلمين بلا خلاف وقد مر سائر ما يتعلق بقسمة الغنائم في سورة الأنفال .

ثم بين الغرض من قسمة الفيء على الوجه المذكور فقال :{ كيلا يكون دولة } قال المبرد : هي اسم للشيء الذي يتداوله الناس بينهم يكون لهذا مرة ولهذا مرة كالغرفة اسم لما يغرف . والدولة بالفتح انتقال حال سارة إلى قوم عن قوم . قال جار الله : هي بالضم ما يدول للإنسان أي يدور من الجد يقال دالت الدولة . فعلى قول المبرد معناه كيلا يكون الفيء شيئاً يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاورونه فلا يصيب الفقراء ، وعلى قول جار الله : كيلا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى الفقراء جداً بين الأغنياء يتكاثرون به ، أو لكيلا يكون الفيء دولة جاهلية كان الرؤساء منهم يستأثرون بالغنائم لأنهم أهل الرياسة والجد والغلبة وكانوا يقولون من عزبر ومنه قول الحسن " اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً " يريد من غلب منهم أخذه واستأثر به . ومن قرأ على " كان " التامة فالمعنى كيلا يقع شيء متعاوراً بينهم غير مخرج إلى الفقراء ، أو كيلا تقع دولة جاهلية أي ينقطع أثرها . قوله { وما آتاكم } الآية . قيل : يختص بأنه يقسم الغنائم وأن على المؤمنين أن يرضوا بما يعطيهم الرسول صلى الله عليه وسلم منها ، والأولى عند المحققين العموم .

/خ24